الأحد , ديسمبر 22 2024
enar
download

إحاطة مقدمة للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب (ACHPR) بشأن وضع حقوق الانسان في السودان

(16 أكتوبر 2023)

يخاطب المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام (ACJPS) اللجنة  معرباً عن قلقه من الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في السودان والتي تتسم باستمرار الإفلات من العقاب ويناشدكم العمل على معالجة الاوضاع. المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام هو منظمة غير حكومية وغير ربحية تعمل على مراقبة وتعزيز احترام حقوق الإنسان والإصلاح القانوني في السودان.

هنالك العديد من الأدلة الدامغة على إنتهاك القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، والميليشيات المسلحة،  لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان. فمنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، وصلت الأزمة الإنسانية وإنتهاكات حقوق الإنسان في السودان الى مستويات غير مسبوقة. حيث تم استهداف المدنيين والبنية التحتية بشكل عشوائي من قبل الأطراف المتحاربة. ومع دخول الصراع شهره السابع، يتوالى عدد القتلى في الارتفاع، حيث لم يتم بعد تحديد مكان رفات العديد من الضحايا أو جمعها أو التعرف عليها أو دفنها. في وقت تشير فيه التقديرات إلى أن أكثر من 9000 شخص قد فقدوا أرواحهم بحلول أكتوبر 2023، ومن المرجح أن يكون الحجم الحقيقي للمأساة أكبر بكثير بسبب شدة القتال والتحديات التي تواجه توثيق وتأكيد عدد الضحايا.

وفي دارفور، اتخذ العنف منحىً عرقياً، مما أدى إلى جولة جديدة من التطهير العرقي، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لتلافي الاوضاع هناك. ولسوء الحظ، فإن ما نشهده ما هو إلا أحدث جولة من جولات العنف الممتد منذ أكثر من 20 عاما.

في منتصف يونيو 2023، اعتبرت كل من وزارة الخارجية الأمريكية ومرصد الصراع في السودان ومصادر محلية أُخرى المذبحة الوحشية التي راح ضحيتها أكثر من 1100 من المدنيين في الجنينة عاصمة غرب دارفور، عملاً متعمدًا من أعمال العنف العرقي يستهدف المدنيين من المجتمعات غير العربية، ولا سيما أفراد مجتمع المساليت. وقد تكون الأعداد الفعلية لآلاف القتلى في الجنينة، غرب دارفور، أعلى من ذلك. حيث قامت قوات الدعم السريع وعلى مدار الأشهر الستة الماضية، بإحراق ونهب القرى بشكل منهجي، واغتصبت أعداداً لا حصر لها من النساء، وقتلت أولئك الذين قاوموا هجماتها وبالذات في منطقة دارفور.

لم تسفر الجهود العديدة التي بذلتها مختلف الجهات الدولية الفاعلة لتسهيل عملية السلام عن اي نتائج إيجابية. وقد كان أبرزها إعلان جدة بالمملكة العربية السعودية وهو إعلان مبادئ وقعته الأطراف المتحاربة بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في 11 مايو 2023. وكان الهدف من الإعلان ضمان حماية المدنيين، والسماح بممرات آمنة لهم. بالإضافة إلى ذلك، في 20 مايو 2023، وقع ممثلو قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية إتفاقًا إنسانيًا قصير المدى لوقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام في جدة، والذي دخل حيز التنفيذ بعد ثمانية وأربعين (48) ساعة، وهو ايضاً بوساطة من الولايات المتحدة والسلطات السعودية، أعاد الاتفاق التأكيد على المبادئ والالتزامات المنصوص عليها في إعلان مبادئ جدة لحماية المدنيين في السودان. ومع ذلك، في 31 مايو 2023، قام ميسرو مفاوضات السلام بتعليق عملية جدة، مشيرين إلى الإنتهاكات الجسيمة التي إرتكبتها الأطراف المتحاربة. واستمر الصراع في ولايات مختلفة في السودان مع التركيز على كل من الخرطوم ومنطقة دارفور.

لقد أصبح الإفلات من العقاب بنيوياً ومعمماً في السودان، ولم يؤد ذلك إلا إلى تشجيع استمرار ارتكاب الجرائم الخطيرة. لقد سار إرثها في السودان جنبًا إلى جنب مع استمرار عدم الاستقرار والصراع. ولا يمكن للسلام الدائم أن يتحقق دون محاسبة جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة وجبر الضرر للضحايا. لم يتم نشر النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق التي أنشأتها السلطات السودانية بعد إندلاع الحرب، وليس من الواضح متى سيتم نشرها. بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات، مثل السلطة القضائية، التي من شأنها أن تلعب دورًا حيويًا في ضمان المساءلة، قد دمرت بنيتها التحتية بسبب التفجيرات والقصف المدفعي.

نتقدم بالشكر والتقدير للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب على القرارين اللذين اعتمدتهما بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان منذ إندلاع الحرب وإدانة الحرب. ومع ذلك، فقد آن الأون للجنة أن تتخذ إجراءات أقوى رداً على الإنتهاكات الجسيمة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في السودان. ولذلك فإننا ندعو اللجنة لإتخاذ ما يلي:

  1. أن تدين بأشد العبارات الإنتهاكات الجسيمة المستمرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان، بما في ذلك استمرار القصف الجوي العشوائي وقصف المناطق المأهولة بالسكان المدنيين. وأن تدين بالمثل الهجمات العرقية التي تستهدف المدنيين من أصل أفريقي في غرب دارفور.
  2. استغلال نفوذها ومواردها لدعم جهود إنهاء الصراع.
  3. السعي للوفاء بتنفيذ تفويضها فيما يتعلق بالحروب الأهلية والنزاعات المسلحة من خلال رصد انتهاكات حقوق الإنسان في السودان والإبلاغ عنها، وتقديم توصياتها للاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء ، والانخراط في العمل مع منظمات المجتمع المدني.
  4. إرسال فرق تحقيق على وجه السرعة، ذات خبرة في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، للتحقيق في الجرائم بموجب القانون الدولي وغيرها من الإنتهاكات والتجاوزات الخطيرة والواسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان، وتحديد المسؤولين عنها، وتقديم توصيات لمحاسبة الجناة.
  5. الإلحاح على السلطات السودانية على معالجة استمرار إفلات قوات الأمن وقوات الدعم السريع من العقاب على تجاوزاتها بخصوص حقوق الإنسان في السودان، وكذلك التأكيد على السلطات من أجل نشر تقرير لجنة التحقيق التي تم تشكيلها للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة منذ 15 أبريل واحتجاز الجناة وتقديمهم للعدالة.

أ) انتهاك الحق في الحياة

حتى 12 أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 9000 شخص منذ اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023، بينما فر أكثر من 5.3 مليون آخرين، وذلك حتى تاريخ  12 سبتمبر 2023، من منازلهم ولجأوا إلى مناطق آمنة نسبيًا في السودان أو البلدان المجاورة. ونزح أكثر من 4.1 مليون شخص داخلياً إلى ولايات سنار ونهر النيل وشمال وجنوب وشرق دارفور، بينما فر أكثر من 1.1 مليون آخرين الى خارج البلاد كلاجئين.

ب) الاعتقال التعسفي والحبس الإنفرادي

استهدفت كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والمهنيين الطبيين والمتطوعين بالاعتقال التعسفي والحبس الانفرادي .كما أن هنالك العديد من التقارير تفيد أن جنود القوات المسلحة السودانية في الخرطوم يستهدفون شباب قبيلة المسيرية لأنهم يعتبرونهم من أنصار قوات الدعم السريع، بينما يقوم جنود قوات الدعم السريع باختطاف المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين على مستوى القواعد الشعبية. قام المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بتوثيق عدة حوادث تم فيها اعتقال وإحتجاز  المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين تعسفياً من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بما في ذلك 17 من أعضاء لجان المقاومة بسبب عملهم الدعوي المستمر ضد الحرب  في السودان، والدعوة إلى إطلاق سراح المعتقلين والانخراط في لجان وقف إطلاق النار المحلية في كل من شمال دارفور والخرطوم والجزيرة والولاية الشمالية.

كما تم إعتقال العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان أثناء تقديمهم المساعدة القانونية لأعضاء لجان المقاومة المعتقلين. كما تم ايضاً اعتقال وإحتجاز ما لا يقل عن 11 مدنيًا من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بسبب انتماءاتهم العرقية أو الاشتباه في انتمائهم إلى الطرف الآخر.

واجه بعض اللذين اعتقلتهم القوات المسلحة السودانية تهماً ملفقة مثل التجسس، وهي  جريمة يعاقب عليها بالإعدام بموجب المادة 53 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، وتهم أخرى مثل السماح لأسرى الحرب بالهروب ومساعدتهم والتحريض على التمرد بموجب المادة 54. و58 من قانون العقوبات السوداني لعام 1991 على التوالي. كما اتُهم آخرون بالإخلال بالسلام العام والإزعاج العام بموجب المادتين 69 و77 من قانون العقوبات السوداني لعام 1991. ومنذ ذلك الحين أُطلق سراح بعض المعتقلين بكفالة بينما بقى آخرون رهن الإحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.

لايسمح للمعتقلين لدى القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالاتصال بعائلاتهم أو المحامين في مراكز إحتجاز غير معروفة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. على سبيل المثال، في الخرطوم، تحتجز القوات المسلحة السودانية المعتقلين لديها في مبنى الوحدة الإستراتيجية، وقاعدة المخابرات العسكرية، وقاعدة كرري في أم درمان، وسلاح المهندسين في أم درمان. ومن ناحية أخرى، تحتجز قوات الدعم السريع المعتقلين في مقر المخابرات العسكرية لقوات الدعم السريع بحي الرياض بالخرطوم، ومنازل سكنية في أحياء مختلفة بالخرطوم، ومركز شرطة بحي 18 المعروف أيضًا باسم المربعات بمحلية أبو سعد بأم درمان، وداخلية طلاب علي عبد الفتاح ومستشفى التجاني الماحي بأم درمان ومبنى الإذاعة والتليفزيون القومي بحي الملازمين بأم درمان ووحدة الأسلحة والذخائر بحي شمبات بالخرطوم بحري. تستخدم كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قواعدها العسكرية في جميع أنحاء البلاد كمراكز إحتجاز. إن عدم إمكانية وصول أفراد الأسرة إلى المحتجزين، إلى جانب الاستخدام الموثق جيدًا من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة ضد المحتجزين، لا سيما أثناء احتجازهم في أماكن مجهولة، يثير مخاوف جدية على سلامتهم.

ج) حالات الإدعاء بالتعرض للتعذيب

هنالك إدعاءات بأن المعتقلين لدى القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة. في 25 سبتمبر 2023، وثق المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام شهادات الضحايا الذين زعموا بأنهم تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم في جنوب دارفور على يد القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. بعض وسائل التعذيب تشمل على سبيل المثال لا الحصر؛ الحرمان من الطعام، والضرب بأعقاب البنادق والأسلاك الكهربائية، والحجز في غرف صغيرة دون تهوية. بالإضافة إلى ذلك، في مايو 2023، زُعم أن عضوًا قياديًا سابقًا في الحزب الشيوعي السوداني، احتُجز من قبل قوات الدعم السريع في الخرطوم لمدة 30 ساعة، في قبو أحد المباني حيث كان هنالك ما بين 200 و 300 من المحتجزين الآخرين بدون كهرباء أو إضاءة. ولا تهوية. وفي غرب دارفور، تم العثور على أحد المعتقلين الذي اعتقلته قوات الدعم السريع ميتاً.

د) تزايد حالات الاختفاء القسري

تتوالى التقارير حول حالات الإختفاء القسري في الإرتفاع، وسط مخاوف من تعرض الضحايا للعنف الجنسي وغيره من إنتهاكات الحقوق التي تهدد حياتهم، بما في ذلك التعذيب والموت. في 16 يونيو 2023، قامت مبادرة (مفقود)، وهي مبادرة محلية عبر الإنترنت مخصصة للمساعدة في العثور على الأشخاص المفقودين، بتوثيق أكثر من 229 حالة من المفقودين، 15 منهم من النساء والفتيات. ويشمل العدد أيضًا الأجانب. وفي الشهر نفسه، وثق المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام 91 شخصًا فقدوا في الخرطوم منذ 15 أبريل 2023. وفي 26 يوليو 2023، نشر المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أسماء إضافية لـ 131 شخصًا “فُقدوا” في شهر مايو في الخرطوم. في يوليو 2023، تم إطلاق سراح 14 شخصًا “مفقوداً”، ثلاثة منهم اعتقلتهم قوات الدعم السريع تعسفيًا في مراكز احتجازهم بحي الرياض بالخرطوم وحي السبيل بمحلية الأمير بأم درمان. في 12 سبتمبر 2023، أكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان هذا الإتجاه المحزن، وكشفت عن إختفاء ما لا يقل عن 500 شخص منذ بداية الحرب. في الخرطوم وحدها كشف التقرير عن إختفاء 500 شخص من بينهم 24 امرأة، وهو ما يؤكد مدى خطورة الأزمة.

حدثت حالات الاختفاء القسري في حوادث تم فيها احتجاز الضحايا من قبل الأطراف المتحاربة ولا تعرف أسرهم مكان تواجدهم. على سبيل المثال، قام المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بتوثيق حالة السيد النور، وهو مواطن سوداني يبلغ من العمر 34 عامًا ويقيم في حي المعمورة بالخرطوم. فر من المنطقة مع عائلته وانتقل إلى ود مدني في ولاية الجزيرة للعيش مع أقاربه بسبب النزاع المسلح في الخرطوم. في 9 مايو 2023، عاد السيد النور مع صديقه إلى المعمورة لتفقد منزلهم. ولكن عندما وصلوا إلى المبنى، لاحظوا أن الشقق داخل المبنى محتلة بأكملها من قبل قوات الدعم السريع. ولسوء الحظ، تم القبض عليهم قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى منازلهم وتم سؤالهم عن سبب وجودهم هناك وطُلب منهم تقديم وثائق هويتهم التي امتثلوا لها. ومع ذلك، أخذت الأمور منعطفاً نحو الأسوأ عندما حاولت المجموعة حلق شعر السيد النور، فقاوم. وبدأت المجموعة بضربهم بالسياط، بينما كان جندي آخر يطلق النار في الهواء، ثم قاموا بتقييده ووضعه في إحدى مركباتهم اللاند كروزر، وأجبروه على نقلهم إلى منزله. وعندما وصلوا إلى المبنى، أطلقوا النار على الأقفال، ودخلوا المنزل بالقوة وفتشوه قبل أن يسألوا السيد النور عما إذا كان لديه سيارة. أجاب السيد النور بالنفي واقتادته المجموعة إلى منزل في المعمورة (مركز الاحتجاز المؤقت التابع لقوات الدعم السريع) حيث تعرض للضرب بسوط جلدي مع الإساءة اللفظية وقصوا شعره. قضى السيد النور اليوم رهن الاحتجاز، وفي اليوم التالي تم نقله إلى مركز إحتجاز آخر في المدينة الرياضة بالخرطوم حيث وجد معتقلين آخرين. ويُزعم أن المعتقلين تعرضوا للضرب بشكل يومي. وقال السيد النور للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أن أحد المعتقلين صار يتبول دماً بسبب التعذيب. في 16 مايو 2023، تم إطلاق سراح السيد النور بعد أن رفض طلب قوات الدعم السريع للإنضمام إلى قواتهم. في 17 يونيو 2023، هاجمت طائرات القوات المسلحة السودانية المدينة الرياضية والمناطق المحيطة بها، لكن لا توجد معلومات حول ما حدث للمعتقلين الآخرين أو أماكن تواجدهم.

في 23 أبريل 2023، اعتقل جنود القوات المسلحة السودانية السيد محمد أحمد مادبو، البالغ من العمر 28 عامًا، مع مجموعة من الأشخاص في سوق أبو زيد بجوار سوق ليبيا في محلية الأمير بحي أم بدة في أم درمان أثناء انتظارهم للمواصلات في طريقهم إلى شرق دارفور. وتم احتجاز المجموعة في قاعدة القوات المسلحة السودانية في أم درمان. وعلى الرغم من إطلاق سراح بعض المعتقلين، إلا أنه لا توجد أي معلومات حول مكان وجود السيد محمد أحمد.

ه) الاعتداء على المدافعين عن حقوق الإنسان

في يونيو 2023، أفاد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان أن ستة مدافعين عن حقوق الإنسان قُتلوا في الجنينة، غرب دارفور، وكان من بين المستهدفين محامون ومراقبون لحقوق الإنسان. وتفيد التقارير أن الستة جميعاً تلقوا تهديدات من أفراد الميليشيات قبل عمليات القتل، مما يشير إلى أنهم ربما كانوا مستهدفين على وجه التحديد بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان. ومن بين القتلى، تعرض العديد منهم للهجوم في منازلهم بينما كانوا مع أفراد أسرهم. في 22 يونيو 2023، وثق المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام مقتل ما لا يقل عن ثمانية مدافعين عن حقوق الإنسان في الجنينة. وقد فر العديد منهم إلى تشاد حيث يعيشون في ظروف مزرية. كما دعت مجموعة “محامو الطوارئ” المنظمات الإقليمية والدولية إلى حماية المدنيين وخاصة المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث يتعين عليهم العمل على رصد الانتهاكات في ظل ظروف أمنية صعبة وخطيرة.

و) العنف القائم على النوع الإجتماعي ضد المدافعات عن حقوق الإنسان في السودان

في 2 أغسطس 2023، أبلغ المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان عن تلقيه تقارير مقلقة للغاية عن هجمات على أساس النوع الاجتماعي ضد المدافعات عن حقوق الإنسان في دارفور، في سياق الفظائع المستمرة في المنطقة. وبحسب ما ورد تأتي هذه الهجمات في ظل مقتل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان في غرب دارفور منذ بداية يونيو ، والتي تشكل جزءًا من النمط الأوسع الذي بدأ في الظهور لاستخدام العنف الجنسي ضد المرأة في الصراع المتصاعد. تفيد التقارير أنه من المعروف أن واحدة على الأقل من المدافعات عن حقوق الإنسان قد قُتلت في غرب دارفور، حيث ورد أن أفرادأً من قوات الدعم السريع هاجموا منزلها في الجنينة في يوليو، في حين تم الإبلاغ عن اختفاء العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان العاملات في المنطقة. ويعتقد أن مدافعة أخرى عن حقوق الإنسان تعرضت للتهديد مرتين بالإغتصاب والإغتيال إذا استمرت في الإبلاغ عن إنتهاكات حقوق الإنسان. وقد تلقت التهديد الأول بعد مقتل عدد كبير من أفراد أسرتها قبل إندلاع النزاع بقليل، وغالب الظن أنه هجوم مقصود. وقد تلقت رسالة التهديد عبر الهاتف من شخص إدعى أنه ينتمي إلى قوات الدعم السريع، وقد كان على علم بمكانها، على الرغم من إختبائها. وفي اليوم السابق لتلقي الرسالة، إدعت أنها تعرضت للمطاردة وإطلاق النار من قبل مجموعة من الرجال في الجنينة، لكنها تمكنت من الفرار. وقد اختطفت لاحقاً واحتجزت لمدة ثلاثة أيام، ويعتقد أنها تعرضت خلالها للتعذيب ومحاولة الإعتداء الجنسي والتهديد بالاغتصاب، كما تم استجوابها بشأن عملها في توثيق الفظائع. وبحسب ما ورد تم إطلاق سراحها قبل فرارها من البلاد، ولكن زُعم أنها تعرضت للتهديد مرة أخرى عبر الهاتف، حيث إدعى الجاني أنه ينتمي إلى قوات الدعم السريع. وفي حادثة منفصلة، زعمت مدافعة أخرى عن حقوق الإنسان أنها أُجبرت على الفرار من السودان بعد أن تم تهديدها أيضًا بالاغتصاب. وبحسب ما ورد حدث ذلك بعد أن تعرض منزل عائلتها في الجنينة للمداهمة مرتين من قبل قوات الدعم السريع وأفراد من الميليشيات العربية، مرة في يونيو وأخرى في يوليو، وتم اغتيال والدها.

ز) تقييد الحق في الحصول على المعلومات وانتهاك حرية التعبير

حتى الآن، لا تزال بعض المناطق في دارفور، مثل نيالا والجنينة وزالنجي، معزولة عن بقية العالم بعد انقطاع الإنترنت. منذ مساء يوم 21 أبريل 2023، سيطرت قوات الدعم السريع على إذاعة أم درمان الوطنية وتدخلت في البث بتغطية داخل ولاية الخرطوم فقط. ويخضع مبنى تلفزيون السودان الوطني حاليا لسيطرة قوات الدعم السريع وبثه خارج الخدمة. وفي مايو 2023، تعرض الصحفيون للضرب والاحتجاز والاستجواب بسبب تغطيتهم الصراع أو  إتهامهم بالتجسس لصالح أي من  الأطراف المتصارعة، وفقًا لتقرير صادر عن نقابة الصحفيين السودانيين. على سبيل المثال، في 1 مايو 2023، أطلقت قوات الدعم السريع النار على مصور صحفي كان يصور اشتباكات في الخرطوم وقد أطلقت قوات الدعم السريع النار عليه في ظهره. وفي 16 مايو، قام جنود قوات الدعم السريع باحتجاز صحفيين يعملان في قناة الجزيرة عند نقطة تفتيش في الخرطوم واحتجزوهما طوال الليل. وفي اليوم التالي، داهم الجنود منازلهم وصادروا أموالهم وهواتفهم المحمولة وملابسهم وسيارة.

ح) عرقلة الرعاية الصحية

العديد من المرافق الصحية توقفت عن العمل، كما يصعب الوصول الى التي تعمل بسبب القيود المفروضة على الحركة، ونقص المياه والكهرباء، كما أن المعارك المستمرة بالأسلحة النارية جعلت تشغيل المرافق الصحية من الصعوبة بمكان. ووفقاً لوزارة الصحة بولاية الخرطوم،  فإن 16 مستشفاً  توقفت عن العمل من بين 34 مستشفى في مدينة الخرطوم، وتعمل الأخرى بشكل جزئي. وأكدت منظمة الصحة العالمية أيضًا وقوع 15 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية منذ بداية الصراع. بتاريخ 25 إبريل 2023، تم قصف مركز طبي في أم درمان، ولحسن الحظ لم تقع إصابات. في 27 أبريل 2023، أعلنت اللجنة التنفيذية لنقابة الأطباء السودانيين أن قوات الدعم السريع سيطرت على مستشفى الخرطوم وطردتهم. وقد قُتل ما يقرب من 11 فرداً من العاملين في المجال الطبي وفُقد عدد آخر منذ اندلاع النزاع المسلح.

اتجاهات جديدة للانتهاكات

أ) تجنيد الأطفال

إن حجم تجنيد الأطفال مثير للقلق، في وقت يتهم فيه بعض الشهود الإدارة الأهلية بمساعدة الطرفين في هذه العملية. وقد دفع الفقر المدقع وعدم القدرة على الحصول على الاحتياجات الأساسية العديد من الأطفال إلى أحضان الميليشيات كوسيلة للبقاء على قيد الحياة. وقد استخدمت قوات الدعم السريع تكتيك المال والوعود الخادعة لجذب الأطفال من أجل الانضمام للصراع. في سبتمبر 2023، أٌبلغ المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أن ما لا يقل عن 20 طفلًا تم تجنيدهم في الحرب.

ب) الاختطاف والابتزاز

يتم استخدم هذا الاسلوب في الغالب من قبل قوات الدعم السريع. حيث ارتفع معدل الاختطاف بعد وقت قصير من إصدار الفريق البرهان، القائد العام للقوات المسلحة السودانية، قراراً بإيقاف دفع رواتب قوات الدعم السريع في مايو 2023. والمستهدفون هم رجال الأعمال والمهنيون الذين يُعتقد أنهم “أغنياء”. في 25 سبتمبر 2023، وثق المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام شهادات بعض ضحايا عمليات الاختطاف هذه. على سبيل المثال، السيد أحمد خالد وهو معلم وقد تم اختطافه من منزله في نيالا من قبل مجموعة مجهولة من الرجال. وباستخدام هاتف الضحية، اتصل الجناة بزوجته وطالبوا بفدية قدرها 2,000,000 جنيه سوداني (حوالي 3,400 دولار أمريكي).

ج) العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات

يعد تصاعد العنف الجنسي في ظل الصراع الدائر في السودان أمراً مثيراً للقلق العميق ويستوجب اهتماما دوليا عاجلا. لقد تحول الصراع بشكل مأساوي إلى حرب تستهدف أجساد النساء، مع وجود نمط واضح من العنف الجنسي والجنساني. وحتى 7 أغسطس 2023، تم توثيق ما لا يقل عن 103 حالة اغتصاب، منها 73 حالة أُرتكبت في غرب دارفور وحدها. ولا يزال هنالك الكثير منها الحالات التي لم يبلغ عنها. وقد إدعت الضحايا أن الجنود أخذوهن قسراً من منازلهن ثم اخضعوهن للاعتداء الجنسي. ويُزعم أن آخريات تعرضن للاغتصاب في منازلهن. في حين تعرضت أخريات للاغتصاب أثناء محاولتهن الهروب من مناطق الصراع. وقد تم إنتهاك الحريات العامة مثل حرية التعبير والحصول على المعلومات بشكل صارخ من قبل الطرفين. فمنذ مايو 2023، انقطع الإنترنت والمكالمات الهاتفية المحلية في إقليم دارفور. وفي مايو 2023، تعرض الصحفيون للضرب والاحتجاز والاستجواب بسبب تغطيتهم الصراع أو إتهامهم بالتجسس لصالح أحد الأطراف المتصارعة، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن نقابة الصحفيين السودانيين.

د) الاختطاف والعبودية

في 1 أغسطس 2023، أفادت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي (SIHA) أنها اكتشفت معلومات مفزعة تفيد بأن أفراد قوات الدعم السريع يختطفون مدنيات ويحتجزونهن كرهائن في دارفور لإعادتهن إلى عائلاتهن مقابل فدية أو ربما بيعهن لاحقا في الأسواق. وبحسب المبادرة، أكد شاهد عيان في الفاشر، شمال دارفور، أن قوات الدعم السريع أحضرت ثلاث نساء و/أو فتيات (قد يكونن قاصرات، ولم يتم تحديد أعمارهن) إلى محلية دار السلام. وبحسب ما ورد ناشد المدنيون قوات الدعم السريع لإطلاق سراح الرهينات. لكن جنود الدعم السريع طلبوا فدية قدرها 30 مليون جنيه سوداني. وبحسب ما ورد تم منح الرهينات هواتف محمولة للاتصال بعائلاتهن في الخرطوم لدفع المبلغ المطلوب. وبعد مزيد من المفاوضات، أفادت المبادرة أنه تم دفع 21 مليون جنيه سوداني، وتم إطلاق سراح الرهينات الثلاث. حيث قمن باستقلال حافلات من الفاشر للعودة إلى الخرطوم. وأكد نفس المصدر لـلمبادرة حادثة أخرى تم فيها تحرير رهينة أخرى بعد أن تم دفع مبلغ 650 ألف جنيه سوداني لقوات الدعم السريع. وأكد مصدر آخر لـلمبادرة أنه رأى العديد من النساء و/أو الفتيات الأخريات مقيدات ومحتجزات في السيارات في منطقة ودعة بشمال دارفور، جنوب شرق الفاشر.  مؤكدا أن الواقعة كانت علنية و”لا يمكن لأحد أن ينكر حدوثها، الجميع في ودعة شاهدوا ذلك”. كما أضاف قائلاً إن النساء و/أو الفتيات يبدون وكأنهن من شمال السودان. وأكد مصدر آخر لـلمبادرة  أنه رأى رجالاً من المسلحين العرب ينقلون نساء و/أو فتيات مقيدات على متن شاحنات صغيرة، ولم يقترب منهم أحد أو يتحدث معهم. وقد علق المصدر قائلاً:  (لا يبدو  أن النساء و/أو الفتيات من دارفور).

This post is also available in: الإنجليزية