الأحد , ديسمبر 22 2024
enar

السودان: السلطات تحظر عمل عدد من منظمات المجتمع المدني في حملة جديدة على حرية التجمع

 

(9 يناير 2013) أمرت السلطات السودانية بإغلاق ثلاث من منظمات المجتمع المدني ومركز ثقافي ووقف كل أعمالها وسط حملة جديدة ضد حرية التعبير والتنظيم والتجمع في البلاد. كما أن محاولات احتجاج الصحفيين والناشطين على قرار الإغلاق قوبلت بإجراءات قمعية من جانب جهاز الأمن والمخابرات الوطني.

وكانت وزارة الثقافة والإعلام قد أصدرت قراراً في 24 ديسمبر 2013 بوقف عمل مركز الدراسات السودانية لمدة عام بناءاً على تعليمات من وزير الثقافة، أحمد بلال عثمان، علماً بأن المركز مسجل بصورة قانونية ويعمل في مجال ترقية الحوار حول الثقافة والديمقراطية.

ولقد تظاهر عدد من الناشطين تحت مظلة اتحاد منظمات المجتمع المدني خارج مبنى مفوضية السودان القومية لحقوق الإنسان، وحاولوا تسليم مذكرة تدين إغلاق السلطات لمركز الدراسات السودانية. وعلى الرغم من أن رئيس المفوضية كان على استعداد لتسلُّم المذكرة، فإن عناصر تابعة لجهاز الأمن والاستخبارات الوطني منعتهم من ذلك. وأشارت تقارير إلى أن واحداً من الصحفيين المشاركين في الاحتجاج تعرض للضرب، كما اعتقلت سلطات الأمن ثلاثة ناشطين أطلقت سراحهم بعد بضع ساعات. وأدانت المفوضية في وقت لاحق ما قام به عناصر جهاز الأمن والاستخبارات الوطني.

وقامت سلطات جهاز الأمن صباح اليوم التالي، 31 ديسمبر 2013، باستدعاء المدير التنفيذي لمركز الدراسات السودانية، عبدا لله أبو الريش، من منزله، وجرى استجوابه طوال اليوم قبل إطلاق سراحه مساء نفس اليوم، حيث تلقى تعليمات بالعودة إلى مباني جهاز الأمن يومي 1 و2 يناير للمزيد من التحقيق.

وفي نفس اليوم تم إغلاق منظمة “أري” لحقوق الإنسان والتنمية بواسطة مفوضية الشؤون الإنسانية، وهي جهة حكومية مسؤولة عن نشاط المجتمع المدني في السودان، كما أغلقت أيضاً مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية. وتعمل منظمة “أري” في مجال مراقبة وتوثيق حقوق الإنسان في جنوب كردفان، ولديها مكاتب في الخرطوم. وكان عدد من ممثلي مفوضية الشؤون الإنسانية قد دخلوا مكاتب منظمة “أري” وأمروا بإغلاقها، ولا تُعرف تفاصيل أخرى حول ما حدث.

وكان ستة من ممثلي مفوضية الشؤون الإنسانية، يصاحبهم تسعة أفراد، بمن في ذلك ضباط في جهاز الأمن والاستخبارات الوطني، قد توجهوا إلى مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية ظهر نفس اليوم وسلموا العاملين فيه القرار الإداري رقم 20، الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 2013، بتوقيع مسجل عام المنظمات، الدكتور محمد فضل الله سراج. ويتضمّن القرار أمراً بإلغاء تسجيل مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية فوراً وشطبه من سجل منظمات المجتمع المدني. وتم جرد مكاتب المركز وصودرت اصوله.

استدعت سلطات جهاز الأمن والاستخبارات الوطني أيضاً الكاتبة السودانية زينب بليل للاستجواب في 31 ديسمبر. تترأس زينب بليل المنتدى الثقافي للنقد الأدبي، وهو شبكة تواصل بين الكُتَّاب السودانيين، وقام بوقف كل نشاطاته. وتم استجواب زينب بليل حول علاقتها بالمنبر الثقافي الإيراني في الخرطوم، الذي يقوم بتمويل جائزة أدبية سنوية.

جرى تنظيم مظاهرة أخرى في 6 يناير بواسطة اتحاد منظمات المجتمع المدني وحملة الدفاع عن حرية التعبير والنشر أمام المكتب الرئاسي، حيث كان يعتزم المتظاهرون تسليم خطاب للمكتب الرئاسي يناشدون فيه بإلغاء قرارات الإغلاق، التي اعتبروها غير دستورية، ويطالبون بوقف إجراءات التضييق التي تستهدف منظمات المجتمع المدني. أغلق أفراد جهاز الأمن والمخابرات الوطني الشوارع المحيطة بالمكتب وسمحوا فقط لوفد من خمس من الشخصيات البارزة في نشاطات المجتمع المدني بقيادة د. أمين مكي مدني بالتوجه إلى المكتب لتسليم الخطاب، إلا أن المكتب رفض تسلّمه.

يناشد المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام حكومة السوداني بما يلي:

  • السماح فوراً للمنظمات التي تم حظرها بالعودة إلى العمل ومواصلة نشاطها السلمي في دعم مبادرات المجتمع المدني الرامية إلى ترقية الديمقراطية والتنوع الثقافي في السودان. كما أن ممتلكات هذه المنظمات يجب أن تُعاد إليها.
  • احترام حق الشعب السوداني في الاحتجاج السلمي وممارسة حقه في حرية التجمع والتنظيم والتعبير المُعترف بها في الدستور الوطني الانتقالي لعام 2005.

خلفية
ثمة مخاوف جدية لدى المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام من أن استهداف منظمات المجتمع المدني على هذا النحو إنما يعكس سعي الحكومة السودانية إلى إغلاق الهامش المحدود الذي يعمل فيه المجتمع المدني في السودان. وكان حظر عمل منظمات المجتمع المدني قد جاء في أعقاب مظاهرات واسعة ضد النظام انتشرت في أنحاء السودان خلال الفترة من يونيو حتى أغسطس 2012، حيث قادتها بصورة رئيسية حركات شبابية سودانية.

تسعى الحكومة السودانية، في ظل السخط الواسع بين السودانيين، إلى حظر كل المنابر المستقلة للحوار والتنسيق في أوساط المجتمع المدني. واتهمت السلطات السودانية منظمات المجتمع المدني المحظورة بتلقي أموال من الولايات المتحدة بهدف إضعاف حزب المؤتمر الوطني الحاكم. ففي حديث له  بثه في 2 يناير 2013 تلفزيون السودان، الخاضع لسيطرة الدولة، قال علي عثمان محمد طه، النائب الأول للرئيس السوداني، أن المنظمات التي تم حظرها خاضعة لاستغلال أجهزة الاستخبارات “الغربية” التي تهدف إلى إسقاط النظام، وأشار في معرض حديثه إلى كتاب مؤلفه أمريكي بعنوان Rogue State: a Guide to the World’s Only Superpower (الدولة المارقة: دليل إلى القوة العظمى الوحيدة في العالم). يتناول الكتاب، الذي نُشر لأول مرة عام 2000 وصدرت منه طبعة أخرى منقحة عام 2005، تمويل الولايات المتحدة لمنظمات المجتمع المدني سعياً لتغيير الأنظمة في دول عربية وأفريقية، بما في ذلك السودان.

وفي تطور مواز، أصدر الرئيس عمر البشير في 25 ديسمبر 2012 مرسوماً رئاسياً بإنشاء لجنة لمراجعة لوائح عمل المنظمات غير الحكومة الأجنبية في السودان. ومن المقرر أن يترأس اللجنة ممثل لوزارة الدفاع، وتضم في عضويتها ممثلين من وزارتي الخارجية والداخلية وسلطة دارفور الإقليمية ومفوضية الشؤون الإنسانية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني.

يساور المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام قلق بشأن القرارات الأخيرة بحظر عمل منظمات المجتمع المدني، إذ يخشى المركز أن تكون هذه الخطوة بداية لموجة ثالثة من الإجراءات التي تستهدف المجتمع المدني في السودان عقب الحملة الأولى التي صاحبت الانقلاب العسكري في 1989 والثانية التي انطلقت عقب إعلان المحكمة الجنائية الدولية عن التهم الموجهة إلى الرئيس عمر البشير. وكان المجتمع المدني في السودان قد بدأ يتعافى مؤخراً من آثار قرارات الحظر التي صدرت عام 2009.

للاتصال: عثمان حميدة، المدير التنفيذي، المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام.

هاتف: +44 7956 095738 (المملكة المتحدة)

بريد إلكتروني: osman@acjps.org

This post is also available in: الإنجليزية