الأحد , ديسمبر 22 2024
enar
55e99cfb-0185-42a1-b737-4fbad9455141_0

السودان: حرب الصراع على الموارد

تتسارع وتيرة الحرب الدائرة في السودان مع سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق جديدة، سواء بعد هزيمة القوات المسلحة السودانية في المعارك أو بعد إنسحابها من تلك المواقع. يمثل أكتوبر 2023 بداية مرحلة جديدة في يوميات الحرب، فمنذ سيطرة قوات الدعم السريع على قيادة الفرقة 16 في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور وإنسحاب القوات المسلحة منها بقيادة اللواء حسين جادات الذي ظهر لاحقاً في قاعدة وادي سيدنا. توالت عمليات انسحاب القوات المسلحة لتشمل الفرقة 21 بمدينة زالنجي وسط دارفور، والتي سبقتها سيطرة الدعم السريع على أم دافوق ومنواشي وكاس ثم حاميتي كلبس وصليعة التي تزامن الانسحاب منها مع حامية أردمتا في غرب دارفور. كذلك إنسحبت القوات المسلحة من حامية الردوم بجنوب دارفور ودخلت أراضي أفريقيا الوسطى المجاورة. وتنبع اهمية هذه الحاميه كونها المدخل لمدينة راجا بجنوب السودان. بعد ذلك سيطرت قوات الدعم السريع على الفرقة  20 في الضعين وانسحاب حاميتي عديلة وأبوكاريتكا بشرق دارفور.

تمدد كذلك الدعم السريع الى كردفان حيث وسبق وأن أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على بعض المواقع بغرب كردفان، عقب الاستيلاء على حامية المجلد في 24 نوفمبر 2023. وحاليا هناك جدل حول الفرقة السادسة بالفاشر عاصمة شمال شمال. دارفور، حيث تجري مفاوضات غير معلنة لتسليمها لحركات اتفاق جوبا للسلام 2020، الأمر الذي قد يؤخر البت في وضعها بسبب التعقيدات السياسية المتعلقة بمواقف الحركات من علاقتها بالقوات المسلحة السودانية و قوات الدعم السريع.‏ ومن غير المرجح أن تستجيب قوات الدعم السريع للنداءات الدولية لحماية المدنيين في الفاشر، حيث يعيش بعض القادة السابقين للحركات المسلحة منذ عام 2014. وتشير المناورات السياسية والعسكرية الحالية إلى أن قوات الدعم السريع ستسيطر على الأرجح على الفرقة الخامسة بمدينة الأبيض مما يتيح لقوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر وحاميتها. وينطبق هذا بشكل خاص على انتشار قوات الدعم السريع في الشمال الشرقي باتجاه المناطق المواجهة لنهر النيل والولايات الشمالية.‏

كذلك سيطرت قوات الدعم السريع في البداية على محطة ضخ نفط العيلفون قبل أن تنتقل إلى حقل بليلة في غرب كردفان ثم تتقدم إلى بعض الحقول النفطية في شرق دارفور. كما سيطروا على مصفاة الجيلي في الخرطوم بحري منذ اليوم الأول للحرب.

وتكافح قوات الدعم السريع حاليا من أجل السيطرة الكاملة، بدءا من القصر الجمهوري في الخرطوم وحتى أفريقيا الوسطى والحدود التشادية في أدري. لقد أصبح من الواضح أن قوات الدعم السريع نفذت خطة لتأمين تدفق الإمدادات لقواتها مع فرض حصار أيضًا لقطع الإمدادات عن حاميات الجيش. وبحسب التقارير الأخيرة، فإن غالبية هذه الحاميات لم تتلق أي إمدادات منذ ستة أشهر على الأقل.

في سبتمبر 2023، انضم رحمة مهدي، المعروف أيضًا باسم أبو جلحة، إلى القتال إلى جانب قوات الدعم السريع بعد أن دافع عن قوات الدعم السريع عبر وسائل التواصل الاجتماعي أثناء تواجده في ليبيا، حيث صنع زخماً لنفسه. وكان حسين برشم قد سبق أبوجلحة  بالانضمام لقوات الدعم السريع. وكلاهما ينتميان إلى قبيلة المسيرية التي تسكن ولاية غرب كردفان. وفي مايو 2023 انضم رزق الله، المعروف باسم سافنا، وهو من البقارة الرزيقات الجنوبيين في شرق دارفور، إلى قوات الدعم السريع. وكانت لسافنا علاقة سابقة مع الحركات المسلحة في دارفور، ثم انضم لاحقا إلى القوات المسلحة ضمن الترتيبات الأمنية لعام 2006.‏

ويعزز هذا الواقع الافتراض بأن قوات الدعم السريع قد أصبحت على مرمى حجر من فرض سيطرتها  على إقليمي كردفان ودارفور، باستثناء المواقع التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، وهي لم تغب عن بال قائد قوات الدعم السريع  منذ سبتمبر 2022 ولديه علاقة مع حكومة جنوب السودان.

يهدف السياق أعلاه إلى استكشاف استراتيجية قوات الدعم السريع في ظل فشل منبر جدة في التوصل إلى وقف قصير أو متوسط للأعمال العدائية. وتشمل الاستراتيجية كل السودان على المدى الطويل، ولكنها تركز حاليًا على منطقتي كردفان ودارفور على المدى المتوسط. تهدف هذه الاستراتيجية إلى السيطرة على حقول النفط في غرب كردفان وشرق دارفور ومنطقة أبيي، بالإضافة إلى مناطق انتاج محصول الصمغ العربي والكركديه الواقعة بين غرب كردفان وشرق دارفور، بالإضافة إلى مناطق إنتاج الفول السوداني في كرينيك في غرب دارفور، وشرق نيالا، وشرق دارفور. بالإضافة إلى ذلك، تشمل حقول تعدين الذهب في كل هذه الولايات، والثروة الحيوانية في دارفور وكردفان، والتي تزود أسواق الماشية بالأغنام والإبل الحمرية عالية الجودة، والخيول من كبكابية بشمال دارفور، وغيرها من الموارد.

وبغض النظر عمن أطلق الطلقة الأولى، فإن الحرب في السودان تتطور من صراع على السلطة إلى معركة من أجل السيطرة على الموارد مما قد يشير إلى تغييرات كبيرة وبعيدة المدى في الوضع. من المستبعد القبول بفكرة انفصال دارفور أو حتى انفصال دارفور وكردفان، لأن من سيسيطر على الموارد الرئيسية من المرجح أن يسعى للسيطرة على البلاد بأكملها. ويدعم هذا الافتراض مسار الصراع منذ أغسطس 2023، مع إدخال أسلحة ومركبات ومعدات أخرى متطورة إلى القتال.