الجمعة , نوفمبر 22 2024
enar

المفوضية الأفريقية: التحقيق في عمليات القتل في السودان


يجب تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول قتل واحتجاز المحتجّين

(كمبالا، 1 نوفمبر 2013) –  في خطاب نشرته اليوم، ناشدت 11 منظمة دولية وأفريقية المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بتكوين لجنة تقصي حقائق للتحقيق في مقتل واعتقال مئات من المتظاهرين في السودان.

وناشدت هذه المنظمات المفوضية الأفريقية بإرسال بعثة تقصي حقائق للتحري حول انتهاكات حقوق الإنسان في السودان منذ اندلاع المظاهرات في 23 سبتمبر 2013. وكان 170 محتجّاً على الأقل، بينهم 15 صبيّاً، قد لقوا مصرعهم، كما اعتقلت السلطات الأمنية ما يزيد على 800 آخرين.

وقال عثمان حمّيدة، المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام: “لا تزال المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب صامته حتى الآن إزاء حملة القمع على المحتجّين في السودان”، وأضاف قائلاً: “يجب على المفوضية، بوصفها المؤسسة الأكثر أهمية في مجال حقوق الإنسان في القارة الأفريقية، أن تدين استخدام العنف المفرط وأن تجري تحقيقاً حول كل انتهاكات حقوق الإنسان التي تم الإبلاغ عنها.”

وكانت الاحتجاجات قد بدأت في 23 سبتمبر في مدن السودان الرئيسية عقب إعلان الحكومة في 22 سبتمبر عن رفع الدعم عن الوقود. وتحول كثير من الاحتجاجات إلى العنف عندما اضرم محتجون النار في محطات للوقود وأقسام للشرطة ورشقوا قوات الأمن والشرطة بالحجارة. وردّت الحكومة السودانية من جانبها بإطلاق الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، بينهم أطفال.

وقال شهود عيان لمنظمات حقوق الإنسان إن غالبية الذين لقوا مصرعهم من المتظاهرين قتلوا بطلقات رصاص على الرأس والجزء العلوي من الجسم. كما ظهرت على جثتين في مشرحة بإحدى مستشفيات العاصمة الخرطوم طلقات نارية في الظهر، ما يشير إلى إطلاق الرصاص خلال فرار المتظاهرين. وأسفرت الأحداث عن جرح عشرات الأشخاص.

ووفقاً لتقارير منظمات سودانية تعمل في مجال حقوق الإنسان، فإن ما يزيد على 800 شخص قد تم اعتقالهم، وأفرجت السلطات السودانية عن الكثير من المعتقلين خلال بضع ساعات أو أيام من اعتقالهم، بمن في ذلك أكثر من 20 معتقلاً تم إطلاق سراحهم خلال عطلة عيد الأضحى. إلا أن العشرات من الطلاب والناشطين وأعضاء الأحزاب المعارضة لا يزالون قيد الاعتقال، حسبما أوردت هذه المنظمات، حيث لا تسمح السلطات الأمنية لغالبيتهم بمقابلة أفراد أسرهم أو الاستعانة بمحامين، الأمر الذي يزيد من احتمالات تعرضهم لمخاطر سوء المعاملة.

وقال دانيال بيكيل، مدير القسم الأفريقي في منظمة هيومن رايتس ووتش: “هناك اشخاص لقوا مصرعهم وتعرض آخرون لإصابات وتم اعتقال آخرين في السودان”، وأضاف قائلاً: “مؤسسة حقوق الإنسان الأبرز على مستوى القارة الأفريقية يجب أن لا تقف موقف المتفرج إزاء انتهاك حقوق الناس في السودان.”

وكانت السلطات السودانية قد أوقفت خلال الشهر الماضي عدداً من وسائل الإعلام المحلية والعالمية عن العمل، كما منعت الصحفيين من الكتابة عن الأحداث التي وقعت، وأصدرت تعليمات مشددة لرؤساء تحرير الصحف بشأن المعلومات المسموح بنشرها حول الاحتجاجات.

واستدعت سلطات جهاز الأمن والمخابرات الوطني في 25 سبتمبر المدير الطبي لمستشفى امدرمان عقب حديث له لقناة التلفزيون الناطقة بالعربية التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية حول عدد القتلى الذين تم نقلهم إلى مستشفى امدرمان. كما اعتقلت سلطات الأمن لمدة ساعات نقيب الأطباء السودانيين، الدكتور أحمد عبد الله الشيخ، في 5 أكتوبر إثر إدلائه بتصريح قال فيه إن عدد قتلى الاحتجاجات قد وصل إلى 210 أشخاص، وفقاً لمعلومات النقابة.

اعتقلت السلطات السودانية أيضاً اًكثير من الذين تحدثوا علناً عن انتهاكات حقوق الإنسان أو حاولوا توثيقها. إذ يحق للسلطات الأمنية، بموجب قانون الأمن الوطني لسنة 2010، احتجاز الأشخاص لفترة تصل إلى أربعة شهور ونصف الشهر بدون توجيه تهمة وبدون السماح للمعتقل بمقابلة أفراد اسرته أو الاستعانة بمحام، وهو أمر يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي.

وقال ديسماس نكوندا، مدير كونسورتيوم السودان: “بدلاً على لجم قوات الأمن المسؤولة عن الاستخدام للقوة المفرط ، اتجهت الحكومة السودانية إلى الضغط على الذين سعوا إلى تسليط الضوء على الانتهاكات التي ارتكبتها هذه القوات.”

يتضمن الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب ضمانات للحريات وحريات التعبير والمعلومات وحرية التنظيم والتجمع بموجب المواد 6 و9 و10 و11. وقالت المنظمات أن رد الحكومة السودانية على الاحتجاجات يشكّل انتهاكاً لهذه الالتزامات. إذ لم تبد الحكومة السودانية أي مؤشرات على الاستجابة للمناشدات بإجراء تحقيق عاجل ومستقل ومحايد حول أحداث الاحتجاجات الأخيرة.

وناشدت المنظمات المفوضية الأفريقية بحماية حقوق الإنسان والشعوب من خلال تشكيل لجنة تقصي حقائق للنظر في أحداث القتل والانتهاكات الأخرى التي حدثت في السودان في سياق الاحتجاجات.

إذ تنص المادة 45 من الميثاق الأفريقي على منح المفوضية الحق في إجراء تحريات حل ممارسات حقوق الإنسان وإطلاع  الحكومات على آرائها وتوصياتها، فضلاً عن التعاون مع المؤسسات الأفريقية والدولية الأخرى المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والشعوب. كما تمنح المادة 46 من الميثاق المفوضية الأفريقية حق استخدام “أي وسائل مناسبة للتحقيق”.

وكانت المفوضية قد قامت في يونيو بمهمة لتقصي الحقائق في جمهورية مالي استجابة لطلب المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي فتح تحقيق حول أوضاع حقوق الإنسان في مناطق شمال مالي والتوصل إلى توصيات ملموسة حول التدابير الواجب اتخاذها.

وقال حسن شيخ، المدير التنفيذي لمشروع المدافعين عن الحقوق الإنسان في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي: “أصدرت المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب خلال العشرين عاماً الماضية العديد من القرارات التي تؤكد الالتزام بالسلام والأمن والعدالة والمحاسبة واحترام حقوق الإنسان الأساسية في السودان والقارة الأفريقية بصورة عامة”، وأضاف قائلاً: “الوضع في السودان عقب الاحتجاجات يتطلب اهتماماً من جانب المفوضية.”

للاتصال:

في لندن، عثمان حمّيدة، المدير التنفيذي، المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، هاتف: +44 7956 095738، أو info@acjps.org

في نيويورك، جيهان هنري، القسم الأفريقي، هيومن رايتس ووتش، هاتف: +1 917 443 2724، أو henryj@hrw.org

This post is also available in: الإنجليزية