الأحد , أكتوبر 6 2024
enar
Gaël Grilhot / Freelance
Gaël Grilhot / Freelance

السودان: توقفوا عن تعريض المتظاهرين السلميين لسوء المعاملة,الاستخدام المفرط للقوة و الاحتجاز التعسفي

 (نیروبي – 29 ینایر/ کانون الثاني 2018) – اعتقلت قوات الأمن السودانية عشرات الأشخاص بسبب الاحتجاجات ضد إجراءات التقشف المفروضة بمقتضى میزانیة ینایر/كانون الأول 2018، وقالت أربع منظمات سودانية ودولية اليوم، وهي: “هيومن رایتس ووتش”، ومنظمة العفو الدولية، و”مرکز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية”، و”المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام”: ينبغي على السلطات السودانية أن تفرج عنهم فوراً، أو أن توجه إليهم تهم، وأن تمنحهم الإجراءات القانونية الواجب اتباعها.

وأضافت هذه المنظمات قائلة: “ينبغي منح أي شخص محتجز بمعزل عن العالم الخارجي إمكانية الاتصال الفوري محاميه وأفراد أسرته، وينبغي الإفراج عن جميع المحتجزين في عدم وجود تهم صحيحة من الناحية القانونية، وتتماشى مع المعايير الدولية. وأن السلطات أيضاً ملزمة بضمان الرفاه البدني والنفسي لكافة المحتجزين”.

وقالت سارة جاكسون، المديرة الإقليمية لمنظمة العفو الدولية لشرق أفريقيا والقرن الإفريقي والبحيرات الكبرى: “تستخدم قوات الأمن السودانية العنف لتفريق المتظاهرين، وقد ألقت القبض على عشرات الأشخاص، وانتهكت الحق في حرية التجمع والتعبير. فيجب على حكومة السودان أن تعزز الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، وأن تبدأ تحقيقا محايداً ومستقلاً فيما وقع من استخدام مفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين”.

في 6 يناير/ كانون الثاني، بدأت المظاهرات في جميع أنحاء السودان، وقد اندلعت بسبب إعلان ميزانية السودان لعام 2018، ورفع الدعم وغيره من الإجراءات، مما أدى فعلياً إلى مضاعفة سعر صرف الدولار الأمريكي بثلاثة أضعاف، وزيادة أسعار السلع الأساسية.

وقد استخدمت السلطات السودانية، في عدة مناسبات منذ ذلك الحين، القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، بما في ذلك التعدي بالضرب على المتظاهرين السلميين بالعصي والهراوات، وإطلاق الغاز المسيل للدموع على الحشود.

وبالإضافة إلى قمع الاحتجاجات، فقد احتجزت السلطات مئات المتظاهرين. ووثقت جماعات حقوق الانسان اعتقال 79 شخصاً على الاقل في المظاهرات في الأسابيع الثلاثة الأولى من يناير/ كانون الثاني. ومعظمهم محتجزون لدى “جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني”، دون الاتصال بعائلاتهم ومحاميهم.

كما احتجز العشرات من قادة أحزاب المعارضة قبل المظاهرات في الخرطوم، ربما لتمنعهم من حشد المزيد من مؤيديهم. وفي 7 و8  يناير/ كانون الثاني، احتجزت السلطات أربعة من زعماء “حزب المؤتمر السوداني” المعارض السياسي.

وفي 15 يناير/ كانون الثاني، أمرت لجنة أمنية محلية مخولة بتنفيذ حالة الطوارئ الراهنة في الأُبيّض، شمال كردفان، باحتجاز كل من عثمان صالح، وهو عضو في “الحزب الشيوعي السوداني”، وعلي أبو القاسم، وهو عضو في “حزب الأمة الوطني”، ستة أشهر بموجب قانون الطوارئ. ونفت السلطات وجود طلب للسماح للأسر بزيارتهم.

وقد وقعت معظم عمليات الاعتقال في 16 و17 يناير/ كانون الثاني، خلال مسيرات نظمها “الحزب الشيوعي السوداني”، و”حزب الأمة القومي”، كما أيد عدد من أحزاب المعارضة السياسية المظاهرات وحشدوا مؤيديهم. وفي 17 يناير/ كانون الثاني، اعتقل “جهاز الأمن الوطني” محمد مختار الخطيب، الأمين العام لـ “الحزب الشيوعي السوداني”، ومحمد الدومة، وهو نائب رئيس “حزب الأمة القومي “.

وجميع المحتجزين لدى “جهاز الأمن والمخابرات الوطني” عرضة لخطر سوء المعاملة. فقد وردت تقارير موثوقة تفيد بأن العديد من المحتجزين تعرضوا للضرب أثناء الاحتجاز، وتعرضوا لظروف قاسية ولسوء المعاملة اللفظية. وقد وثقت المنظمات التي أرسلت البيان الصحفي أساليب التعذيب وسوء معاملة المحتجزين من قبل السلطات في الماضي، مما أثار مخاوف خطيرة بشأن الظروف البدنية والنفسية للمحتجزين.

كما قامت السلطات بقمع وسائل الإعلام. فقد صادر “جهاز الأمن الوطني” ثلاث صحف، على الأقل، عدة مرات بين 15 و18 يناير/كانون الثاني بسبب نشر مقالات كانت تنتقد رد الحكومة على المظاهرات. واعتقل مسؤولون أمنيون 15 صحافياً، على الأقل، واعتُقل ستة صحفيين في الخرطوم يومي 16 و17 يناير/ كانون الثاني، وأطلق سراحهم في 21 يناير/ كانون الثاني. وهناك تقارير موثوقة بأن أمل هباني، وهي صحفية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، قد تعرضت لسوء معاملة تصل إلى حد التعذيب خلال احتجازها.

وقال الباقر العفيف مختار، المدير التنفيذي لـ”مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية”: “إن الحكومة السودانية تعتبر التقارير عن المظاهرات بمثابة ” خط أحمر “. فمصادرة الصحف تحد بشدة من توافر المعلومات في المجال العام، وتعيق حرية التعبير وتداول المعلومات”.

وقالت المنظمات المذكورة أعلاه: إنه يتعين على جميع الأطراف المعنية أن تمارس الضغط على الحكومة السودانية لوقف حملتها المستمرة من الاعتقال والاحتجاز بصورة تعسفية، والاستخدام المفرط للقوة من أجل اسكات الأصوات المعارضة.

مما يجب أن يذكر فإن لدى حكومة السودان تاريخ طويل من الاستخدام المفرط للقوة. ففي سبتمبر/أيلول 2013، استخدمت القوات الحكومية الذخيرة الحية لفض الاحتجاجات السلمية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 170 متظاهراً. ففي أواخر سبتمبر/ أيلول، وأوائل أكتوبر/ تشرين الأول، احتجزت السلطات أيضاً، أثناء عملية القمع، ما لا يقل عن 800 متظاهر دون توجيه تهم إليهم ، وتعرض العديد لسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. ولم يكن ثمة مساءلة تذكر عن الوفيات والإصابات وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات السودانية ضد المتظاهرين. فهناك مجموعة من الحصانات القانونية تحمي بشكل فعال القوات الحكومية من الملاحقة الجنائية والمساءلة.

 وقالت جيهان هنري كبيرة الباحثين في منظمة هيومن رايتس ووتش: “يجب على السودان أن يضع حداً على الفور لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة التي ترتكبها أجهزة الشرطة والأمن، وإصلاح تلك القوانين التي تمنحهم صلاحيات واسعة في عمليات الاعتقال والاحتجاز، وإلغاء الحصانة التي تحمي المسؤولين من الملاحقة القضائية، كما يتعين على السلطات ضمان تلقي جميع المحتجزين الرعاية الطبية اللازمة لضمان سلامتهم البدنية والنفسية”.