الخميس، 26/9/2013
صرحت منظمة العفو الدولية والمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بالأمس أنه يجب على قوات الأمن السودانية أن تتوقف فوراً عن استخدام القوة التعسفية وغير المشروعة بحق المحتجين، وذلك في أعقاب تأكيد مقتل ما لايقل عن 50 متظاهراً يومي الثلاثاء والأربعاء جراء إصابتهم في منطقتي الصدر و الرأس. ولقد قدرت مصادر محلية وناشطون أن عدد القتلى أعلى من ذلك بكثير، وأنه قد تجاوز 100 قتيل، حيث لم تنفك البلاغات حول استمرار وقوع إطلاق نار واستخدام للقوة المفرطة ترد إلى المنظمتين حتى ساعة إعداد هذا التقرير. كما عبرت المنظمتان عن عميق قلقهما حيال احتجاز جهاز الأمن القومي والاستخبارات في السودان للمئات من الأشخاص حسب ما ورد، وتحث المنظمتان السلطات السودانية على ضمان حماية المحتجزين من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، لوسي فريمان: “ يُعتبر إطلاق النار بقصد القتل – وخصوصاً من خلال التصويب على صدور المحتجين ورؤوسهم – انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة، ويجب على السودان أن يوقف فوراً هذا القمع العنيف الذي تمارسه قواته الأمنية ” وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في مختلف مدن السودان عقب إعلان الرئيس عمر حسن أحمد البشير عن خفض دعم الدولة لمشتقات الوقود (المحروقات) في 22 سبتمبر/ أيلول الجاري. وفي اليوم التالي، نزل آلاف المحتجين إلى الشوارع في واد مدني، وتبعهم آخرون في العاصمة الخرطوم، وأم درمان وبورسودان وعطبرة والقضارف ونيالا وكوستي وسنّار. وبحسب المعلومات الواردة إلى المنظمتين، فلقد لجأ رجال الشرطة السودانية وعناصر جهاز الأمن القومي والاستخبارات إلى الفوة غير المتناسبة – بما في ذلك إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي – في محاولةٍ لتفريق المتظاهرين. ولقد قُتل 50 شخصا على ألأقل وجُرح 100 آخرون منذ اندلاع الاحتجاجات بحسب ما أفادت به المصادر التي أجرت المنظمتان مقابلات معها، بما في ذلك شهود العيان وأقارب القتلى وصحفيين وأطباء. وسقط فتىً في الرابعة عشرة من عمره بين القتلى في شمال الخرطوم، ويظهر أن أعمار غالبية الضحايا تتراوح بين 19 و26 عاماً. وأخبر أحد المصادر في مستشفى أم درمان منظمة العفو الدولية أن 36 جثة قد أُرسلت إلى المشرحة في غضون يوم واحد فقط، فيما أُجريت 38 عملية جراحية لأفراد أُصيبوا بعيارات نارية تُوفي اثنان منهما. كما قال مصدر آخر للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أنه شاهد جثتين مصابتين بعيارات نارية أُطلقت من الخلف، مما يوحي بأن الوفاة قد وقعت أثناء فرار الضحيتين. وقال المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، عثمان حميدة: “ يجب على الحكومة السودانية أن تبادر من فورها إلى فتح تحقيق في استخدام قوات الأمن للقوة غير المتناسبة، ومزاعم قيامها بقتل المحتجين عمداً باستخدام الذخيرة الحية“.
وأضاف حميدة قائلاً: “حتى في حال الرد على أعمال عنف يقوم المحتجون بها، فيظل من واجب قوات الأمن حماية جميع الأفراد من العنف، وتفادي التسبب بوقوع إصابات غير ضرورية في الأرواح. ويجب مقاضاة كل من تثبت مسؤوليته عن استخدام القوة بشكل تعسفي أو على نحو ينطوي على انتهاكات بحق المحتجين، ويتعين على السلطات السودانية أن ترسل برسالة واضحة مفادها عدم التسامح مع مسألة اللجوء إلى استخدام القوة المفرطة”. وزُعم أن بعض المحتجين قد أضرموا النار في مبانٍ حكومية، بما في ذلك أقسام شرطة ومحطات بيع الوقود وحافلات في كل من أم درمان وواد مدني. وأما مبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة، والتي تورد باستفاضة الظروف والأحوال التي تجيز اللجوء إلى القوة بشكل مشروع دون الإخلال بحقوق الإنسان بما في ذلك الحق في الحياة، فتنص على أنه حتى في سياق حدوث تجمعات غير مشروعة أو عنيفة، يجب أن تُستخدم القوة عند الضرورة وبشكل متناسب مع التهديد المقابل؛ كما تنص المبادئ على عدم جواز الاستخدام المقصود للقوة المميتة إلا في الحالات التي يستحيل معها تفادي الأمر، وذلك في سبيل حماية حياة الأشخاص. الاعتقالات والقيود المفروضة على وسائل الإعلام وردت أنباء تفيد بقيام جهاز الأمن القومي والاستخبارات باحتجاز مئات الناشطين والمتظاهرين، ولا سيما الأعضاء المعروفين في أحزاب المعارضة السياسية، والطلبة وغيرهم من الناشطين الآخرين. وفي أعقاب المظاهرات المناوئة للحكومة في العام الماضي، فلقد حرص كل من المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام ومنظمة العفو الدولية على توثيق الانتشار واسع النطاق لممارسات الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لفترات مطولة، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة التي يلجأ إليها جهاز الأمن القومي والاستخبارات بحق المحتجين والناشطين ومن يُعتقد أنهم من الخصوم السياسيين للحكومة. وأغلقت المدارس والمباني الحكومية بالخرطوم أبوابها، وورد أنباء تحدثت عن انقطاع الاتصال بشبكة الإنترنت من داخل السودان لبضع ساعات يوم 25 سبتمبر/ أيلول الجاري. وتبرهن المعلومات التي وصلت إلى المنظمتين على احتمال منع التغطية الصحفية المستقلة للمظاهرات في السودان. فلقد ورد ما يفيد باستدعاء رؤساء تحرير عدد من صحف الخرطوم إلى الأجهزة الأمنية يوم 26 سبتمبر/ أيلول، حيث أوعزت إليهم بضرورة نشر أخبار المظاهرات فقط في حال استلامهم معلومات بهذا الخصوص من الشرطة أو أجهزة الأمن. وجرى تعليق صدور صحيفة “السوداني” في الأمس عقب نشرها لمعلومات بما يخالف التعليمات التي أصدرتها الأجهزة الأمنية بهذا الشأن. ولطالما دأبت السلطات السودانية على اللجوء بشكل منتظم واعتيادي إلى استخدام القوة المفرطة بحق المشاركين في المظاهرات السلمية على مدار العامين الماضييْن. ولقد غطى المركز الأفريقي ومنظمة العفو الدولية أخبار قيام قوات الشرطة باستخدام الهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص المطاطي على المتظاهرين من مسافة قريبة.
This post is also available in: الإنجليزية