الإثنين , مايو 20 2024
aren
A

توصيات المجتمع المدني إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بشأن الوضع في السودان

11 ديسمبر 2023

وصف موجز للوضع الراهن في السودان

تلامس الحرب في السودان إكتمال شهرها الثامن، في حين يبقى المدنيون السودانيون في مواجهة أزمة إنسانية كارثية، وفظائع جماعية، وخطر إبادة جماعية يلوح في الأفق دون نهاية منظورة. و ينصب  عبء الحرب الأكبر على الأطفال والنساء والفتيات. وقد نزح أكثر من 7 ملايين شخص داخل السودان وخارجه وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، وبذلك يسجل السودان أكبر معدل نزوح في العالم. في وقت أفاد فيه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بإحصاء  أكثر من 12.190 شخصا من اللذين فقدوا أرواحهم منذ إشتعال الحرب.

تتسارع دياناميات الحرب والسياسة وتشهد تحولاً مضطردا، حيث واصل الفصيلان المتحاربان الرئيسيان تصعيد هجماتهم على المناطق الإستراتيجية المختلفة في السودان لفرض سيطرتهم على المزيد من الأراضي، بما في ذلك دارفور وكردفان والخرطوم. وقد تمادت الحرب وإمتدت حتى بلغت حدود جنوب السودان. وسادت حالة عامة من الفوضى وترويع المدنيين، ولم يعد ما يجري في السودان مجرد صراع داخلي، بل أصبح له تداعيات إقليمية واضحة، و صار مسألة استقرار إقليمي ويمس السلام والأمن الدوليين. وقد أفادت العديد من  التقارير المختلفة إلى أن القوى الخارجية تُسعر الصراع في السودان من خلال دعم المتحاربين، بما في ذلك مزاعم بتوريد الأسلحة.

إنبثق عدد لا يحصى من المبادرات الإقليمية والدولية لإحتواء النزاع في السودان، لكن بقى تأثيرها محدوداً وغير كاف نظراً لحجم الأزمة و تأثيرها الكبير على المدنيين ودول الإقليم الأخرى. وقد إفتقرت هذه التدخلات إلى الشفافية والتنسيق، والإقصاء المستمر لدور النساء والشباب، مع التباطئ الحاد في تحقيق وقف إطلاق نار حقيقي ومستدام أو إتفاق لوقف الأعمال العدائية.

يجب وضع حد لدائرة الإفلات من العقاب في السودان، حيث تعد المساءلة جانبًا مهمًا من جهود بناء السلام، وهو ما يتطلب التوثيق والتحقيق في إنتهاكات حقوق الإنسان من قبل جميع الأطراف المتحاربة. يستدعي الوضع الحالي للصراع في السودان إلى تدخل أكثر قوة من قبل الإتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (الايقاد) والجهات الإقليمية الفاعلة والمجتمع الدولي. إن نتائج الاجتماع الاستثنائي الحادي والأربعين لرؤساء دول (الايقاد)  بشأن الوضع في السودان المنعقد في 9 ديسمبر 2023، تستحق التقدير. ولكن، تبقى العبرة بالنتائج،حيث أن التنفيذ بدعم من الاتحاد الأفريقي  والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، هو الأكثر أهمية. ويبقى من الضرورة بمكان أن يتولى الإتحاد الأفريقي القيادة بما يكفل عاجلاً تنسيق إطار فعال لجهود بناء السلام في السودان. وفي ضوء ما سبق، توصي مجموعة منظمات من المجتمع المدني السوداني والإقليمي مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بوضع ما يلي في الحسبان في إجتماعه القادم بشأن السودان:

التوصيات:

  • ينبغي على الاتحاد الأفريقي إنفاذ خطة قوية وعاجلة ومنسقة للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الملحة للشعب السوداني بالتعاون مع الدول المجاورة والجهات الدولية الفاعلة مع التركيز على إطلاق نداء عاجل لزيادة التمويل الإنساني والحصول على إلتزامات من الأطراف المتحاربة للسماح بالوصول إلى المناطق المتضررة، من أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة للمتضررين.
  • على الإتحاد الأفريقي أن ينظر في جميع الأدوات المتاحة له، بما في ذلك الأحكام الواردة في قانونه التأسيسي وبروتوكول إنشاء مجلس السلم والأمن، لحماية المدنيين من استمرار الفظائع الجماعية و الأعمال المحظورة بموجب المادة 4 (ح) من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وإعطاء ذلك الأولوية قبل إطلاق العملية السياسية. حيث أن هنالك إمكانية بموجب المادة 4 (ح) للاتحاد الأفريقي لتفويض ونشر بعثة لحفظ السلام في السودان، بتفويض واضح وموارد كافية لتوفير الحماية للمدنيين. وينبغي أن تشتمل البعثة على مكون سياسي وحقوقي لضمان التوثيق القوي لانتهاكات حقوق الإنسان وتقديم التقارير إلى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي. ويجب أن تعمل آلية حقوق الإنسان التابعة للبعثة بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. إن الوضع الحالي للحرب في السودان، وما يحمله من آثار إقليمية وخيمة، يجعل من شأنها مسألة تتعلق بالسلم والأمن الدوليين، وبالتالي يستدعي الدعم الكامل (المالي والدبلوماسي) من الأمم المتحدة لحلها.
  • على الاتحاد الأفريقي، بالتنسيق مع الأعضاء الآخرين في الآلية الموسعة، وخاصة الأمم المتحدة، النظر في فرض عقوبات فردية تستهدف الأطراف المتحاربة الرئيسية وفرض حظر على الأسلحة خارج نطاق دارفور ليشمل السودان بأكمله، وذلك للحد من تدفق الأسلحة إلى البلاد مع تأكيد المساءلة المستقبلية للمتورطين في توريد الأسلحة التي تساهم في تأجيج الحرب. كما يجب إصدار العقوبات الفردية وتطبيقها بطريقة متماسكة ومتسقة من قبل جميع الأطراف المؤثرة. كما يجب معالجة موضوع المسآءلة باعتبارها قضية ذات أولوية ضمن جهود بناء السلام الحالية.
  • يجب على الإتحاد الأفريقي تأكيد إلتزامه والإسراع في تنفيذ قرار مجلس السلم والأمن الذي تم اتخاذه خلال الاجتماع 1156 على مستوى رؤساء الدول والحكومات المنعقد في 27 مايو 2023، لوضع خارطة طريق لحل النزاع في السودان توفر إطارا حل شامل للصراع في السودان و إنهاء القتال من خلال إتفاق لوقف الأعمال العدائية، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإجراء حوار سياسي شامل بين السودانيين، مما يمهد للوصول لحكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.
  • إن مقترح إنشاء لجنة رفيعة المستوى بشأن السودان أمر مرحب به ويلبي حوجة ماسة. بحيث تتألف اللجنة من قادة أفارقة مؤثرين ومحترمين يتمتعون بالمكانة والنفوذ والجاذبية وفهم عميق للوضع التاريخي والحالي في السودان والمنطقة من الذين لديهم القدرة على وضع كامل إهتمامهم وجهودهم من أجل حل الصراع في السودان. كما يمكن للاتحاد الأفريقي أن ينظر في تعيين الرؤساء السابقين ثابو مبيكي، ومحمد بخاري، وكاثرين سامبا بانزا، والعمل بشكل وثيق مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن أزمة السودان، رمضان لعمامرة. وينبغي أن تحظى هذه اللجنة بموارد جيدة وتنسيق أعمالها مع آلية الهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيقاد)، والجهات الدبلوماسية ذات التفويض والاختصاص الحاليين بما في ذلك محمد بن شمباس (الممثل السامي للاتحاد الأفريقي لإسكات الأسلحة)، وجانيت صلاح نجي (المفوضة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ونقطة الاتصال الخاصة بالسودان)، وبينيتا ديوب (المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي للمرأة والسلام والأمن)، محمد بلعيش (الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في السودان).
  • ومن أجل ضمان عملية سلام واحدة وشاملة ومنسقة في السودان، ولمعالجة تكاثر المبادرات التي شجعت الأطراف المتحاربة على الدعاية لنفسها في المنتديات، يجب على الاتحاد الأفريقي إنشاء آلية متكاملة للاتحاد الأفريقي و (الإيقاد)، والتي تجمع أيضًا ممثلي الآلية الموسعة. وعملية جدة، وتجتمع بشكل منتظم، مرة واحدة على الأقل شهريًا، لمراقبة التقدم المحرز وتنفيذ عملية السلام عن كثب. وينبغي أيضاً دعوة المجتمع المدني إلى إطلاع الآلية على تجربته في التقدم على أرض الواقع وأولويات التقدم والتأثير. ويجب على مجلس السلم والأمن أيضًا أن يوضح العلاقة والأدوار الخاصة بالآليات واللجنة رفيعة المستوى.
  • على مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي العمل بشكل وثيق مع جيران السودان والدول الأفريقية والقوى الإقليمية الأخرى خارج أفريقيا والمجتمع الدولي لاستخدام نفوذهم بشكل بناء لدعم جهود بناء السلام في السودان، وحثهم بشدة على البقاء على الحياد فيما يتعلق بتقديم أي دعم عسكري أو مالي لطرفي الحرب في السودان. ومن الضروري أن يعمل الإتحاد الأفريقي على ضمان عدم تحول الصراع في السودان إلى حرب شاملة بالوكالة من شأنها أن تساهم في بلقنة البلاد.
  • ينبغي على الإتحاد الأفريقي أن يتولى قيادة الزخم المتعاظم الحالي لمعالجة الصراع في السودان والمحافظة عليه،مع ضمان استمرار عملية سلام موحدة ومنسقه تحت رعايتة بالاضافة (للايقاد) وبدعم من المجتمع الدولي، وأن تتسم بمبادئ الشفافية والحياد والشمولية من جانب جميع المشاركين فيها.
  • على الإتحاد الأفريقي ضمان إستصحاب  المشاركة الفعالة للنساء والشباب من جميع أنحاء السودان، وذلك طوال جهود بناء السلام وترتيبات العملية السياسية.