الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
enar

جهاز الأمن يعيد القبض علي محتجزين تم الافراج عنهم بأوامر قضائية

22  أغسطس 2011

في 17 أغسطس قام جهاز الأمن والمخابرات بإعادة القبض علي كل من عبد الله هارون آدم وصلاح بابكر مباشرة بعد أن أمرت محكمة نيالا بجنوب دارفور بالإفراج عنهما وشطب الدعوي الجنائية التي أقامها ضدهما جهاز الأمن والمخابرات. عبد الله هارون آدم خريج جامعي من قبيلة المساليت، وصلاح بابكر طالب جامعي من قبيلة الفور .

وكانا قد تم إعتقالهما في نيالا في أبريل 2011 إثر إتهامهما بتوزيع منشورات في السوق والتحريض علي التظاهر من أجل إسقاط النظام وإن لذلك علاقة بإحتجاجات شباب 30 يناير التي إنتظمت أنحاء السودان، وكان قد تم نتيجة لذلك إعتقال عشرات الأشخاص في نيالا بواسطة قوات الشرطة والأمن والاستخبارات العسكرية، راجع Stemming the Tide: Arrests of Students and Youth Continue in Efforts to Curb Potential Organising Power

عندما نظرت  المحكمة البلاغ المقيد ضدهما في 17 أغسطس ، أصدر القاضي قراره بشطب البلاغ إستنادا الي نص المادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية، التي توجب شطب البلاغ في حال عدم وجود بينة، وأصدر القاضي أمره بالإفراج عنهما علي أساس أن جهاز الأمن والمخابرات قد فشل في تقديم أدلة ضدهما فأعاد جهاز الأمن القبض علي عبد الله هرون آدم ثم اطلق سراحه في وقت متأخر من نفس اليوم بينما بقي صلاح بابكر رهن الإعتقال.

لم يكن تعمد جهاز الأمن والمخابرات الإزدراء بقرارات السلطة القضائية واقعة معزولة أو محصورة في نطاق دارفور فحسب، ففي الخرطوم في 14 أغسطس بعد أن قضت المحكمة الجنائية بإطلاق سراح بشري قمر،47 عاما، فني أشعة، وهو من جماعة النوبة، وناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان وكان قد أعتقل في باديء الأمر في أم درمان من قبل جهاز الأمن والمخابرات في 25 يونيو. السيد قمر عمل في السابق مديرا للمنظمة السودانية للتنمية الاجتماعية (سودو) وشغل أيضا منصب المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان والتنمية (HUDO ) في جنوب كردفان. أعيد القبض مباشرة علي بشري قمر وأودع معتقلات جهاز الأمن والمخابرات، وقد طالت ذات الممارسات بقية المحتجزين بشبهة التواطؤ مع الجماعات المتمردة المسلحة وهم ضحية مسار موسى، وهو رجل أعمال من غرب دارفور اعتقل في 18 يناير، وجمال محمد حامد، الذي اعتقل من قبل جهاز الأمن والمخابرات بالقرب من الحدود التشادية في نوفمبر، فقد أعيد اعتقالهما على الفور بعد إطلاق سراحهما من معتقلات جهاز الأمن والمخابرات في الخرطوم .

المركز الإفريقي لدراسات العدالة والسلام يدعو الحكومة السودانية وجهاز الأمن والمخابرات الى الإفراج عن كل من عبد الله هارون آدم وصلاح بابكر وبشري قمر وضحية مسار موسى وجمال  محمد حامد من معتقلات جهاز الأمن والمخابرات فورا، أو توجيه الإتهام لهم بإرتكاب جريمة معترف بها دوليا والسماح بمراقبة الإجراءات القضائية بشأنهم. إن إعادة إلقاء القبض عليهم بعد ان تم الإفراج عنهم من معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بعد صدور قرارات قضائية بشأنهم أمرا مثيرا للقلق ، خصوصا وأن هناك القليل من التدابيرالمتاحة أمامهم في الوقت الحاضر حتى يتم توجيه التهم أو الإفراج عنهم مرة أخرى ، وهي عملية يمكن أن تستغرق ما يصل إلى أربعة أشهر و نصف دون الحصول على مراجعة قضائية بحسب قانون جهاز الأمن والمخابرات 2010  .ويعرب  المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام عن قلقه إذاء هذا المسلك الذي بدأ ينتهجه جهاز الأمن والمخابرات للتحايل علي القانون بتقديم الاشخاص الذين لا يجد مسوقا لابقائهم حتي تفرج عنهم المحاكم ليلقي القبض عليهم من جديد ومن ثم اعتقالهم إلي أجل غير مسمي.

سلوك جهاز الأمن والمخابرات في الحالات المذكورة أعلاه يوضح عدم إحترام القضاء وسيادة حكم القانون، وهو أمر مثير للقلق حيث تكشف المحاولات المتعمدة لجهاز الأمن والمخابرات للتحايل علي القانون عن إنتهاك واضح لحقوق الاشخاص في الحماية من الاعتقال الي أجل غير مسمي، فإعادة إعتقالهم للأشخاص بهذه الطريقة تعتبر عملية إعتقال الي أجل غير مسمي، فلا يهدف ذلك إسكاتهم فحسب وإنما تخويف الآخرين، كما يجسد ذلك مدي إطلاق السلطات التي يتمتع بها جهاز الأمن والمخابرات، والتي لم تمكنه من تحدي السلطة القضائية فحسب وإنما تجاوز حتي القوانين التي تحكم عمله .

تبرز هذه الإنتهاكات أن الحاجة إلى الإصلاح القانوني والتحول الديمقراطي باتت ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى ، وعلى الرغم من إنتهاء الفترة الانتقالية وأمد والدستور القومي الانتقالي وعملية مراجعة الدستور الجارية. فهنالك حاجة لوضع آلية للتأكيد علي المحافظة علي حقوق الإنسان في الدستور الإنتقالي ومكاسب الفترة الإنتقالية ، وكذلك التأكد من أن المجتمع الدولي لا يزال يشارك بفاعلية في فترة ما بعد المرحلة الإنتقالية في شمال وجنوب السودان علي حد سواء.