إلى ممثلى دول المجموعة الافريقية الاعضاء الدائمين بمجلس حقوق الانسان الامم المتحدة – جنيف
التاريخ:12سبتمبر2013
الموضوع: مناشدة للدول الأفريقية باتخاذ إجراء لحماية حقوق الإنسان في السودان في الدورة الرابعة والعشرين لمجلس الامم المتحدة لحقوق الإنسان (9-27 سبتمبر 2013)
سيادة الممثلين،
تكتب إليكم منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه لحث أعضاء المجموعة الأفريقية لضمان تناول الانتهاكات الواسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان على نحو ملائم خلال الدورة الرابعة والعشرين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان،
نشعر بقلق عميق إزاء فشل النظام الدولي والأفريقي لحقوق الإنسان في الاستجابة الفاعلة حتى تاريخه للأوضاع في السودان ومناشدة المجموعة الأفريقية لتأييد اتخاذ خطوات أكثر فاعلية بواسطة مجلس حقوق الإنسان لضمان حماية الحقوق الإنسان لكل السودانيين.
لا تزال المنظمات الموقعة أدناه تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تشير إلى استمرار انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي خلال العام في كل من دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي امتدت إلى شمال كردفان. وتشير الأدلة في كل من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى أن قوات الحكومة السودانية قامت بعمليات قصف جوي عشوائية على مناطق يقطنها مدنيون، الأمر الذي يعتبر انتهاكاً بالغاً للقانون الإنساني الدولي. قامت القوات الحكومية وميليشيات موالية لها بشن هجمات على مناطق مدنية وقتلت أعداداً من المدنيين بصورة متعمدة واحتجزت مئات من الأفراد وعرّضت حياة مئات آخرين لخطر الإختفاء القسري، فضلاً عن تدمير ونهب ممتلكات المدنيين.[1] أسفر القصف الجوي عن عرقلة عمليات الزراعة وحصاد المحاصيل، فضلاً عن عرقلة توزيع الأغذية في المناطق التي يسيطر عليها متمردو الجيش الشعبي لتحرير السودان-شمال.[2] وفي نفس الوقت استمرت الحكومة في حظر دخول منظمات العون الإنساني للمناطق التي تسيطر عليها جماعات المعارضة المسلحة، وحرمت بذلك السكان المدنيين من الحصول على مساعدات إنسانية هم في أمس الحاجة إليها. اما في دارفور، فإن استمرار النزاع تسبب في نزوح ما يزيد على 300000 شخص خلال الأشهر الخمسة الأولى فقط من العام 2013. فشلت الحكومة السودانية أيضاً في حماية المدنيين، وتشير أدلة أخرى إلى احتمال مشاركة القوات الحكومية بصورة مباشرة في القتال.[3]
زادت الحكومة السودانية من القيود المفروضة على حريات التعبير والتنظيم والتجمع في مختلف أنحاء البلاد على نحو يبدو معه أن ثمة مجهود منظم لإخماد الحوار المستقل. واصلت الحكومة أيضاً استخدام جهاز الأمن والمخابرات الوطني وأجهزة أمن أخرى في عمليات الاعتقال التعسفي بحق من تشتبه في معارضتهم لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، فضلاً عن فرض الرقابة على الإعلام وإغلاق المنابر العامة وقمع الاحتجاجات. شهدت البلاد أيضاً ازدياداً في القيود على الحريات الدينية التي تستهدف الأقليات المسيحية.
أسفرت هذه القيود في مجملها عن إضعاف نشاطات المجتمع المدني وحالت دون وجود مشورة شعبية حقيقية في عملية إعداد دستور للبلاد. ومن المتوقع أن يتبنّى السودان دستوراً دائماً جديداً قالت الحكومة إنه سيكون قائماً على أساس الشريعة الإسلامية، كما انها تعمل على الإعداد لانتخابات عامة في 2015. ونشعر بقلق بالغ إزاء ازدياد القيود المفروضة على الحقوق والحريات الأساسية في وقت يعمل فيه السودان للإعداد لهذه العمليات المهمة التي ستحدد مستقبل البلاد.
أعربت دول ومؤسسات أفريقية مسبقاً عن بالغ قلقها بشأن هذه المسائل. وكانت المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب قد تبنّت مسبقاً إجراءات مؤقتة في قضية رفعها عدد من منظمات المجتمع المدني حول انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في جنوب كردفان وطلبت من السودان "التدخل في المسألة بهدف منع حدوث أضرار على الضحايا قد لا يتم علاجها".[4] يُضاف إلى ما سبق أن المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب نظرت في عام 2012 في تقريري السودان الدوريين الرابع والخامس حول التزامه بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. وسجّلت المفوضية عدداً من المسائل التي تضمّنت مخاوف جديّة وردت في ملاحظاتها وتوصياتها الختامية، بما في ذلك أنه يجب على السودان:
· اتخاذ إجراءات كافية لمواجهة انعدام الأمن والعنف وتجاوزات الشرطة وتطبيق القانون، خصوصاً تجاوزات جهاز الأمن والمخابرات الوطني؛
· إلغاء المادة 52(3) من قانون الأمن الوطني لسنة 2010، التي تمنح حصانة لأفراد جهاز الأمن والمخابرات الوطني ومعاونيهم من الاجراءات الجنائية والمدنية؛
· اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لإلغاء القوانين التي تسمح بالعقوبات الجسدية، بما في ذلك الرجم وبتر الأطراف والقطع من خلاف والجلد؛
· التأكد من توافق إجراءات وأوضاع توقيف المتهمين واستجوابهم التمهيدي واعتقالهم مع مبادئ روبن آيلاند التوجيهية؛
· تعيين لجنة مستقلة للتحقيق في كل عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء والإختفاء القسري والتعذيب بواسطة قوات الشرطة والإعلان عن نتائج التحقيق.
وكانت المفوضية قد توصلت في وقت سابق، عام 2009، في سياق قضية تم رفعها نيابة عن ضحايا لانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور إلى أن السودان قد انتهك حق الآخرين في الحياة، وخالف أحكام حظر التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمذلة، وأوصت المفوضية بأن يتخذ السودان كافة الإجراءات الضرورية والعاجلة لضمان حماية ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور. إلا أن السودان فشل، حتى الآن، في تطبيق هذه التوصيات. ونحن نناشد الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي على حث السودان على ضمان التطبيق الفاعل لقرارات المفوضية وتوصياتها.
يُضاف إلى ذلك، ان مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الأفريقي أعرب أيضاً عن "قلقه البالغ تجاه استمرار تدهور الوضع الإنساني في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وأكدت مجدداً بعدم جدوى الحل العسكري للنزاع."[5] وكان مجلس الأمن والسلام التابع للاتحاد الأفريقي قد ناشد مراراً الجنة المفوضة العليا، التابعة للاتحاد، بأن تتصدر قيادة استجابة القارة للأزمة من خلال تسهيل المفاوضات وتقديم المقترحات.
وعلى الرغم من أن الدول الأفريقية قد أعربت عن قلقها الأزمة في السودان، وعملت على الاستجابة لها، على مستوى الاتحاد الأفريقي، فإنه من الضروري أن تتخذ الدول الأعضاء في المجموعة الأفريقية خطوة لضمان لعب الامم المتحدة دوراً من جانبها. ونشعر بالأسف إزاء فشل القرارات السابقة التي تبنّاها مجلس حقوق الإنسان في إدانة الانتهاكات الواسعة والمنهجية لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان، كما انها فشلت في تحديد مسائل يتم التعامل معها كأولويات، مثل المسائل التي حددتها المفوضية الأفريقية، لتحقيق حماية حقوق الإنسان الأساسية. كما أن الخبير المستقل حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان قد تولى تفويضاً تحت البند 10، منذ عام 2011، لتقديم المساعدات الفنية والدعم المتعلق ببناء القدرات للسودان، لكن الانتهاكات الواسعة والمنهجية لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لا تزال مستمرة بلا توقف.
وفي ضوء استمرار وتفاقم انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في السودان، والتي وثّقتها المنظمات الموقّعة أدناه، نود أن نحث المجموعة الأفريقية على تأييد المشاركة الكاملة لمجلس حقوق الإنسان فيما يتعلق بالسودان.
لذا، فإن المنظمات الموقعة أدناه تناشد المجموعة الأفريقية على دعم الخطوات التالية في مجلس حقوق الإنسان:
· إدانة انتهاكات قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في دارفور وولايات جنوب كردفان وشمال كردفان والنيل الأزرق، فضلاً عن إدانة استمرار الحكومة في القيام بعمليات القصف الجوي العشوائي في هذه الولايات وشن الهجمات التي تستهدف المدنيين، بالإضافة إلى الانتهاكات الأخرى التي ترتكبها القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها؛
· إجراء تحقيق مستقل في انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في ولايات جنوب كردفان وشمال كردفان والنيل الأزرق ودارفور، على أن يتم رفع نتائج هذا التحقيق إلى مجلس حقوق الإنسان في جلسته المقبلة؛
· حث السودان على السماح لمنظمات العون الإنساني بدخول ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق تنفيذاً للالتزامات المتعلقة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛
· التعبير عن القلق إزاء القيود المستمرة المفروضة على الحقوق المدنية والسياسية، والمضايقات المستمرة لمنتقدي الحكومة، بما في ذلك استخدام السلطات للاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة، والقيود المفروض على حريات التعبير والتجمع والتنظيم، ومنع السلطات لقيام حوار عام حقيقي حول مسائل مهمة في وقت يقوم السودان فيه بالإعداد لتبنّي دستور جديد وإجراء انتخابات عامة في 2015؛
· مناشدة السودان بإجراء إصلاحات على قانون الأمن الوطني لسنة 2010 والقوانين الأخرى التي تمنح المسؤولين حصانة، والعمل على جعل هذه القوانين متوافقة مع التزامات السودان المتعلقة بحقوق الإنسان، فضلاً عن ضرورة إجراء الحكومة تحقيقاً بشأن مزاعم انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الانتهاكات؛
· تجديد وتعزيز تفويض الإجراء الخاص حول السودان لمدة ثلاث سنوات تحت البند الرابع، وتعيين مقرر خاص بشأن أوضاع حقوق الإنسان في السودان ومنحه تفويضاً برصد أوضاع حقوق الإنسان ورفع تقارير حولها مرتين في العام إلى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة بشأن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في مناطق السودان كافة.
وفي الختام، تقبلوا شكرنا على اهتمامكم بهذه القضايا الملحّة. ونرجو الاتصال بنا في أي وقت إذا أردتم مناقشة هذا الخطاب، أو إذا رغبتم في الحصول على المزيد من المعلومات.
[1] هيومن رايتس ووتش، "تحت الحصار: القصف العشوائي وانتهاكات حقوق الإنسان في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بالسودان"، ديسمبر 2012؛ هيومن رايتس ووتش، "السودان: مدنيون من ولاية النيل الأزرق يكشفون تفاصيل الهجمات والانتهاكات"، أبريل 2012.
[2] مجموعة السودان، "مجموعات محلية توثّق عمليات استهداف متعمد للمدنيين من خلال القصف الدوي في جنوب كردفان"، مايو 2013 http://www.refugee-rights.org/htdocs/Assets/PDFs/2013/Sudan%20Consortium%20AU%20Summit%20May%202013.pdf
[3] منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال)، "دارفور: القوات الحكومية تشارك في هجمات على منجم للذهب"، يناير 2013، وهيومن رايتس ووتش، "السودان: الاشتباه في تورط أحد مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية في جرائم جديدة بدارفور"، 3 يونيو 2013.
[4] انظر المعلومات التي تم تسليمها بواسطة الأطراف المتقدمة بالطلب في الخطاب رقم 402/2011؛ هيومن رايتس ووتش، المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً وريدريس ضد السودان في http://www.redress.org/downloads/Communication402_2011_Admissibility_Submission_15Aug2012.pdf (10 أكتوبر 2012).
[5] البيان الختامي للاجتماع 353 للجنة الأمن والسلام على مستوى رؤساء الدول وحكومتي السودان-جنوب السودان http://www.peaceau.org/en/article/communique-of-the-353rd-peace-and-security-council-meeting-at-the-level-of-heads-of-state-and-government
This post is also available in: الإنجليزية