(24 مايو 2013) أصدر القاضي سيف الدين عبد الرحمن اسحق، قاضي المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور، بمدينة الضعين، شرقي دارفور، في 6 مايو حكماً بإعدام ثلاثة أشخاص بعد محاكمة بدأت في 1 مايو واستمرت لأربع جلسات. وفي حال تطبيق الحكمة الصادر عن المحكمة، فإن الإعدام سيتم تنفيذه شنقاً بحق الأشخاص الثلاثة ثم يجري بعد ذلك صلب جثثهم وعرضها في ساحة عامة. وبموجب القانون السوداني، فإن للمتهمين الحق في استئناف الحكم مرتين أمام المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور. وكان حكم الإعدام والصلب قد صدر على خلفية إدانة الأشخاص الثلاثة بقتل أحمد سالم، وهو زعيم محلي بارز وعمدة مجموعة المعاليا الإثنية العربية، شرقي دارفور، في 27 أبريل 2013، إذ اطلق عليه الرصاص عندما كان مسافراً من مدينة الضعين إلى مقر إقامته في أم مطارق. وتم عقب الحادثة إلقاء القبض على كل من إبراهيم وإدريس والصادق بواسطة قوة دفاع طوعي محلية في الضعين تُسمى “الفزة”.
استمتعت المحكمة خلال الجلسات الثلاث الأولى إلى 13 شاهداً، وتم تخصيص الجلسة الأخيرة لمحاميي الدفاع عن المتهمين الثلاثة لتقديم مرافعاتهم أمام القاضي.
تمت إدانة المتهمين الثلاثة وأصدرت المحكمة حكمها عليهم بموجب المادة 26 (المعاونة) والمادة 130 (القتل) والمادة 162 (الخطف) والماة 167 (الهب المسلح) والمادة 175 (النهب) من القانون الجنائي، والمادة 26 (حيازة سلاح بدون ترخيص) من قانون الأسلحة والذخائر لسنة 1986. ويصنف النهب المسلح (الحرابة) كجريمة حدّية، الأمر الذي يعني انها جريمة تستوجب عقوبة ثابتة بموجب أحكام القوانين الإسلامية (الشريعة) من قانون العقوبات لسنة 1991. وتنص المادة 168 من القانون الجنائي على عقوبة الإعدام على النهب المسلح، أو عقوبة الإعدام ثم الصلب إذا أسفر النهب المسلح عن القتل.
أسماء الأشخاص الثلاثة الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام والصلب هُم:
إبراهيم عابدين، يبلغ من العمر 30 عاماً، من قبيلة الرزيقات بولاية شرق دارفور.
إدريس خبب، يبلغ من العمر 28 عاماً، من قبيلة الرزيقات بولاية شرق دارفور.
الصادق محمد، يبلغ من العمر 29 عاماً، من قبيلة الرزيقات بولاية شرق دارفور.
يود المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أن يعرب عن إدانته لاستخدام عقوبة الإعدام في كل الحالات ويناشد الحكومة السودانية بمراعاة التوجه العالمي لإلغائها. إذ صوّتت 23 دولة أفريقية في ديسمبر 2012 لصالح قرار منظمة الأمم المتحدة رقم 67/176 الذي ينادي بتعليق عقوبة الإعدام.
كما ان ملاحظات وتوصيات المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب الواردة في التقريرين الدوريين الرابع والخامس حول السودان، والتي تم تبنّيها عام 2012، ناشدت السودان بـ”مراعاة تعليق عقوبة الإعدام واتخاذ التدابير اللازمة لإلغائها”.
ويناشد المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام أيضاً الحكومة السودانية بما يلي:
تخفيف عقوبات الإعدام، ووقف استخدام عقوبة الإعدام وأشكال العقوبات البدنية الأخرى، وجعل القوانين السودانية متوافقة مع التزامات السودان القانونية الدولية فيما يتعلق بحظر التعذيب والعقوبات القاسية وغير الإنسانية والمذلة.
تأكيد حق المتهمين في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ومحايدة، وضمان حصولهم على التمثيل القانوني اللازم.
خلفية
تم تأسيس المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور في 7 يونيو 2005، بعد يوم من إعلان مدعي المحكمة الجنائية الدولية عن قراره بفتح تحقيق في أحداث دارفور. رفضت السلطات السودانية التعاون مع المحكمة بحجة أن هناك محاكم محلية قادرة على النظر في القضايا المتعلقة بالفظائع التي ارتُكبت في دارفور. إلا أن المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور ظلت تنظر منذ تأسيسها في قضايا عادية بدلاً عن النظر في الانتهاكات التي ارتُكبت خلال النزاع في دارفور.
ويشعر المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بقلق بالغ إزاء قرار النظر في القضية الحالية أمام المحكمة الجنائية الخاصة بأحداث دارفور بدلاً عن النظر فيها أمام محكمة جنائية عادية قد جاء نتيجة دوافع سياسية، إذ أن القضية لا يعتقد أن لها علاقة بالنزاع في دارفور. وأشارت تقارير إلى أن المدعي العام للمحكمة الخاصة، ياسر أحمد محمد، قد صرح بأن المحكمة ستواصل النظر في جرائم مشابهة. وتحاول الحكومة السودانية من جانبها إثبات أن المحكمة الخاصة في حالة عمل وتنظر في جرائم خطيرة رداً على الانتقادات التي وجهت لها بالفشل في محاكمة المتورطين في الجرائم الخطيرة التي ارتُكبت في سياق النزاع في دارفور.
وكان خبير الأمم المتحدة المستقل المختص في شؤون السودان، مسعود اديبيو بادرين، قد أشار في فبراير 2013 إلى أن “الجرائم ذات الصلة بالنزاع في دارفور تخضع للنظر حالياً أمام محاكم عادية لم يسمح لمراقبي حقوق الإنسان بحضورها”. وحث بادرين السلطات السودانية على السماح للخبراء الدوليين والمحليين بحضور المحاكمات التي تنظر فيها المحكمة الخاصة وعدم وضع أي عراقيل أمام حضورهم.
يشعر المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام بقلق أيضاً إزاء احتمال ازدياد استخدام العقوبات الحديّة خلال العام الماضي، كما وثّق المركز العديد من القضايا التي صدرت فيها أحكام بالقطع من خلاف والرجم بحق أفراد. ثمة مخاوف أيضاً من أن يكون ازدياد استخدام العقوبات الحدّية مؤشراً على التحول باتجاه تفسير يغلب عليه الطابع الديني للقانون الجنائي لسنة 1991 ولمحتوى دستور السودان المستقبلي. تجدر الإشارة إلى أن السلطات السودانية تعمل حالياً على إعداد مسودة لدستور دائم للسودان عقب انفصال جنوب السودان في يوليو 2011. وكان الرئيس عمر البشير قد أعلن مراراً أن الدستور الجديد للسودان سيكون قائماً على أساس الشريعة.
وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشونال) قد أوردت في تقرير لها عام 2012 أن السودان قد شهد تنفيذ 19 حكماً بالإعدام وصدور 199 حكماً بالإعدام على الأقل. وتنص المادة 39 من قانون تنظيم السجون ومعاملة النزلاء القومي لسنة 201 على أن حكم الإعدام يجوز تنفيذه بعد 24 ساعة من إخطار المحكوم بواسطة سلطات السجن باستنفاد حقه في الاستئناف. ولكن لا توجد ارشادات تنظم فترة ومكان عرض الجثث المصلوبة عقب تنفيذ حكم الإعدام، على الرغم من عرض هذه الجثث عادة في موقع تنفيذ حكم الإعدام. ولا يزال الفقهاء بصدد الجدل حول استخدام الصلب بموجب أحكام الشريعة.
This post is also available in: الإنجليزية