الثلاثاء , نوفمبر 5 2024
enar
shutterstock_265822433

مصادرة جماعية لصحف الخرطوم خلال زيارات رسمية لخبراء في مجال حقوق الإنسان

قام جهاز الأمن و المخابرات الوطني صباح 25 مايو بمصادرة طبعات 10 صحف في عدد من دور الطباعة بدون إبداء أي أسباب. كما أصدر مسؤولو جهاز الأمن تعليمات شفاهية بتعليق صدور 4 صحف إلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من أن سلطات الأمن لم تبد أي أسباب لمصادرة الأعداد المطبوعة من هذه الصحف، فإن صحيفة واحدة على الأقل نشرت على صدر صفحتها الأولى تفاصيل مؤتمر صحفي جرى عقدته في اليوم السابق لصدورها مسؤولة في منظمة الأمم المتحدة حول العنف ضد النساء في ختام زيارتها للبلاد. ويزور السودان حالياً لورانس ميوت، المفوض باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وهي الهيئة الأفريقية الإقليمية الرئيسية المعنية بحقوق الإنسان.

وكانت رشيدة مانجو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول العنف ضد النساء وأسبابه وعواقبه، قد أصدرت بياناً صحفياً في 24 مايو في ختام زيارة لها إلى السودان استمرت 12 يوماً أعربت فيها عن قلق بالغ إزاء “الصمت والإنكار” من جانب مسؤولي الدولة وبعض أعضاء المجتمع المدني تجاه وجود عنف ضد النساء في السودان. وأطلقت مانجو في معرض حديثها حول ما وصفته بـ”انعدام المساءلة الذي بات يبدو أمراً معتاداً في السودان فيما يتعلق بالجرائم التي تستهدف النساء” مناشدة خاصة وجّهتها إلى حكومة السودان دعتها من خلالها إلى إنشاء “لجنة تحقيق” تتكون من أعضاء محليين ودوليين للنظر في التقارير التي تضمّنت ادعاءات بحدوث عمليات اغتصاب جماعي، بما في ذلك ادعاءات الاغتصاب الجماعي في بلدة تابت بجنوب دارفور، حيث تشير تقديرات منظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان إلى أن ما يزيد على 200 من الفتيات والنساء قد تعرضن للاغتصاب بواسطة أفراد يعملون في القوات المسلحة السودانية في أكتوبر 2014.

وكان من المقرر أن تصدر صحيفة “الجريدة” المستقلة، التي تمت مصادرتها مع 9 صحف أخرى في 25 مايو، تقرير إخباري تحت عنوان: “خبيرة مستقلة تدعو إلى إنشاء لجنة تحقيق للنظر في ادعاءات الاغتصاب الجماعي”.

وتُعتبر الصحف التسع الأخرى التي تعرضت للمصادرة في 25 مايو من الصحف المؤيدة لسياسات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الأمر الذي يشير إلى ازدياد حدة القيود المفروضة على رؤساء تحرير الصحف في البلاد بصرف النظر عن الانتماء الحزبي. إذ أن صحيفة “الإنتباهة“، التي يرأس تحريرها الصادق الرزيقي، رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين، كانت ضمن الصحف التي منعت سلطات جهاز الأمن توزيعها وأصدرت أمراً بوقف صدورها إلى أجل غير مسمى.

وقام جهاز الأمن والمخابرات الوطني في سياق إجراءاته الأخيرة بمصادرة كافة طبعات الصحف التالية:

الإنتباهة

آخر لحظة

الجريدة

الخرطوم

اليوم التالي

التيار

السوداني

الرأي العام

الخبر

ألوان 

وتلقّى رؤساء تحرير أربع صحف – الإنتباهة، وآخر لحظة، والجريدة، والخرطوم– تعليمات شفاهية عبر الهاتف من جهاز الأمن والمخابرات الوطني بوقف الصدور، بدون إبداء أي أسباب وبدون تحديد قيد زمني لتعليق الصدور. ولم تَصدر هذه الصحف في اليوم التالي لقرار تعليق صدورها في تاريخ 25 مايو.

كما صادرت سلطات جهاز الأمن في 26 مايو، أي بعد يوم واحد من قرار المصادرة الجماعية للصحف، طبعات صحيفتين معروفتين بتأييدهما للحكومة هما صحيفتا “أول النهار” و”التغيير“، التي يملكها الدكتور مأمون حميدة، وزير الصحة بولاية الخرطوم.

وعلى الرغم من أن رقابة جهاز الأمن والمخابرات الوطني على وسائل الإعلام باتت روتيناً يومياً، فإن الإجراء الأخير يُعتبر الثاني من نوعه خلال عام 2015 الذي تقوم فيه سلطات جهاز الأمن بمصادرة كافة الصحف. إذ سبق أن صادرت سلطات جهاز الأمن طبعات 14 صحيفة بتاريخ 16 فبراير بدون أبداء أي أسباب رسمية.

خلفية

زيارات ضباط جهاز الأمن والمخابرات الوطني لدور الطباعة خلال ساعات الصباح الباكر في العاصمة الخرطوم لمصادرة الطبعات أو منع توزيعها دون توضيح أي أسباب باتت روتيناً يومياً خلال السنوات الأخيرة السابقة. إذ ظل جهاز الأمن يسعى بصورة متزايدة لفرض رقابة مستمرة ليس فقط على الصحف المستقلة أو تلك المحسوبة على أحزاب المعارضة السياسية، بل أيضاً الصحف المعروفة بتأييدها لحزب المؤتمر الوطني الحاكم أو التابعة له.

وتُعتبر هذه هي المرة الثانية خلال هذا العام التي تتم فيها مصادرة الصحف الصادرة في الخرطوم. ففي 16 فبراير 2015 صادر جهاز الأمن والمخابرات الوطني طبعات 14 صحيفة بدون توضيح أي أسباب رسمية. وأشارت تكهنات مصادر إعلامية في ذلك الوقت إلى أن المصادرة الجماعية للصحف من المحتمل أن تكون ذات صلة بنشر مقالات في الصحف الصادرة صباح 15 فبراير تناولت المكاسب العسكرية التي حققتها “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال” في واحدة من معاركها مع القوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى تقارير إخبارية أخرى حول العثور على عشرات الحاويات التي تحتوي على مواد مشعة في بورتسودان. كما ازدادت بصورة حادة أيضاً الرقابة على الصحف والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان في سياق التحضير لانتخابات السودان العامة، التي جرت خلال الفترة من 13 إلى 16 أبريل.

زارت رشيدة مانجو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة والخبيرة المستقلة التي تم تعيينها بواسطة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، السودان خلال الفترة من 13 إلى 24 مايو 2015 للوقوف على أوضاع العنف ضد النساء والفتيات في البلاد، ولجمع معلومات بصورة مباشرة من ضحايا العنف. وكانت خبيرة الأمم المتحدة قد سلطت الضوء في ختام زيارتها إلى السودان على مخاوف بشأن العديد من المسائل ذات الصلة بالعنف ضد النساء على مستوى الأسرة والمجتمع على حد سواء، فضلاً عن العنف الذي تتعرض له النساء في المناطق المتأثرة بالنزعات. وأعربت خبيرة الأمم المتحدة في البيان الصحفي الذي أصدرته عن قلق محدد إزاء التفسير القائم على أساس التمييز وأثر بعض القوانين على النساء والفتيات، بما في ذلك القانون الجنائي وقانون النظام العام وأحكام الأحوال الشخصية، فضلاً عن استهداف الطالبات الدارفوريات على أساس اصلهن العِرقي. كما أثار عدد ممن تحدثت إليهم مانجو قلقاً إزاء ختان الإناث والزواج المبكر. لفتت رشيدة مانجو الانتباه أيضاً إلى التحديات التي تواجه وكالات الأمم المتحدة في السودان، وعلى وجه التحديد التحديات التي تواجه “البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور” (يوناميد) فيما يتعلق بالاضطلاع بالتفويض الممنوح لها لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان هناك. وتشتمل هذه التحديات، وفقاً لما ذكرته خبيرة الأمم المتحدة، على المخاوف الأمنية والقيود المفروضة على الوصول إلى بعض المواقع والإجراءات السياسية والإدارية والتوتر وانعدام الثقة والخلط بين مسائل من شأنها التأثير سلباً على الشراكات والأنشطة مع حكومة السودان. ومن المقرر أن يتم تقديم التقرير الكامل لخبيرة الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في سبتمبر 2015.

جدير بالذكر أن ثلاثة من خبراء الأمم المتحدة زاروا السودان خلال هذا الشهر. فبالإضافة إلى زيارة رشيدة مانجو، قام آريستيد نونوسي، خبير الأمم المتحدة المستقل حول أوضاع حقوق الإنسان، بزيارة إلى السودان خلال الفترة من 13 إلى 21 مايو، فضلاً عن زيارة لورانس ميوت، مفوض اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب خلال الفترة من 22 إلى 28 مايو.

للاتصال:

info@acjps.org

This post is also available in: الإنجليزية