يدعو المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام السلطات السودانية إلى اتخاذ خطوات عاجلة للتحقيق مع مرتكبي الاغتصاب ومحاسبتهم، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي ل 43 امرأة واختطاف 26 امرأة أخرى، من بينهم 10 حالات سبق أن أبلغ عنها المركز في جنوب دارفور. على السلطات السودانية ضمان تخصيص الموارد الكافية وحماية الضحايا والشهود في القضايا التي وقعت منذ أبريل 2023. وقد تعرضت إحدى الضحايا للاغتصاب مرارا وتكرارا على أيدي ثلاثة ضباط مسلحين من قوات الدعم السريع، بما في ذلك في شرجها، مما أدى إلى نزيفها حتى وفاتها بعد أسابيع. وتعرضت إثنتان من الضحايا أيضاً للضرب المبرح قبل تعرضهما للاغتصاب، على أيدي ضباط قوات الدعم السريع أيضا.
ويدعو المركز السلطات السودانية والمحلية إلى الشروع في إجراء تحقيق في حالات الاغتصاب والاختطاف للعثور على الجناة ومحاكمتهم. وينبغي تعيين مدع عام خاص في القضية إذا رغب الضحايا في الشروع في محاكمة جنائية. ويجب على السلطات المحلية ضمان حماية الضحايا من الانتقام. كما يدعو المركز السلطات السودانية إلى اتخاذ تدابير فورية لحماية المدنيين، لا سيما الفئات الضعيفة في مخيمات النازحين خلال هذا النزاع المسلح.
كما نناشد قوات الدعم السريع الإفراج عن جميع ضحايا الاختطاف وضمان سلامتهم البدنية.
على المجتمع الدولي الضغط علنا وبشكل خاص على قوات الدعم السريع والحكومة السودانية للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
حوادث الاختطاف
قام المركز بتوثيق ما لا يقل عن 26 حالة اختطاف، من بينها 10 حالات تم الإبلاغ عنها سابقا في أغسطس 2023، ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المسلحة واللصوص المجهولين الذين استغلوا الحرب لارتكاب الجرائم. وطالب بعض الخاطفين أسر الضحايا بدفع فدية مقابل اطلاق سراحهم. ولا يزال المركز يشعر بالقلق إزاء السلامة البدنية للضحايا المعرضين لخطر التعرض لانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي. وتشمل بعض الحوادث ما يلي: (الأسماء المستخدمة في هذا التقرير ليست حقيقية لحماية الضحايا).
في 16 أكتوبر 2023، حوالي الساعة 11:00 صباحا، كانت أمينة، وهي فتاة تبلغ من العمر 15 عاما، تنتقل مع صديقتها ليليا (ليس اسمها الحقيقي، وهي امرأة تبلغ من العمر 22 عاما من حي العزة إلى المستشفى التركي في نيالا، بولاية جنوب دارفور، عندما تم اختطافهما بعد توقيفهما في الشارع الرئيسي من قبل مجموعة من الرجال في سيارة تويوتا هايلوكس موديل 2022 بدون لوحات أرقام وأجبروا على ركوب السيارة. ولا يزال مكان وجودهم مجهولا.
في 26 أكتوبر 2023، كانت السيدة حواء، وهي امرأة تبلغ من العمر 19 عاما في طريقها من حي الجير في نيالا، متجهة أيضا إلى المستشفى التركي عندما اختطفت في سيارة تويوتا هايلوكس بدون لوحة أرقام من الشارع الرئيسي. وفي وقت لاحق، اتصل الخاطفون المجهولون بعائلتها وطلبوا منهم دفع 22،000،000 جنيه سوداني مقابل الإفراج عنها. ويشتبه العديد من شهود العيان الذين رأوا السيارة بأنها تعود إلى مجموعة من الإخوة المجرمين الذين استغلوا الحرب لارتكاب الجرائم. ويزعم أنهم خرجوا مؤخرا من السجن بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023.
حوادث الاغتصاب
في 15 يوليو 2023، حوالي الساعة 10:00 صباحا، أوقف ما يقرب من 15 مسلحا يرتدون زي قوات الدعم السريع وآخرون يرتدون ملابس مدنية بص ركاب يقل مجموعة طلاب جامعيين تتكون من ثلاثة شبان وشابة واحدة في منطقة وادي أدنيرو الواقعة على بعد 30 كيلومترا من نيالا. وكان الطلاب يدرسون في الخرطوم ولكن بعد اندلاع الحرب فروا إلى الفاشر ثم استخدموا البص المعني للسفر إلى نيالا. تم فصل المحتجزين الذكور عن الإناث، وفي وقت لاحق أمر السائق بالمغادرة مع الذكور. وأخذت المعتقلات، اللائي تتراوح أعمارهن بين 18 و23 عاما، بالقوة إلى الوادي واغتصبن وسافرن بعد ذلك إلى نيالا في سيارة أخرى، حيث تلقين فيما بعد الرعاية الطبية.
وفي الفترة من مايو إلى أغسطس 2023، تعرضت 13 امرأة وطفل على الأقل ممن يعيشون في مخيم كلمة للنازحين داخليا للاعتداء الجنسي أثناء الانتقال من والى المخيم لعدة أسباب، بما في ذلك العمل. والضحايا هم من المراكز أرقام 4 و5 و6 و7 و8 بمخيم كلمة للنازحين داخليا. وقد وقعت هذه الحوادث في مواقع مختلفة وقام بها رجال مسلحون يرتدون زي قوات الدعم السريع وآخرون من الميليشيات العربية. ومن بين الضحايا الـ 13، كان هناك إثنتان تبلغان من العمر 17 عاما.
شهادات الضحايا
(يرجى العلم بأنه قد تم إخفاء هويات الضحايا لحمايتهم. ولذلك، فإن جميع الأسماء المستخدمة في هذه الشهادات ليست الأسماء الحقيقية).
قالت والدة أحد الضحايا في افادتها للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، إنها لم تتخيل أبدا أن ابنتها ابتسام، البالغة من العمر 33 عاما، ضحية للاغتصاب. وقالت والدموع تملأ عينيها: “في يوم 3 أغسطس 2023، غادرت ابنتي ابتسام المخيم للذهاب إلى المستشفى الإيطالي في جنوب دارفور لإجراء فحص طبي لأنها كانت تعاني من مرض في القلب وكانت تتناول أدوية. بعد الانتهاء من الفحص، انتقلت إلى صيدلية المستشفى للحصول على الدواء، ولكن لم يعد متوفرا بسبب نفاذ الدواء من المخزون واستحالة الحصول عليه بسبب الحرب. كما أغلقت الصيدليات التجارية الأخرى. ثم نصحها ضابط أمن بالمستشفى أن تحاول شراء الدواء من المستشفى التركى الواقع في جنوب نيالا. اتبعت ابتسام نصيحته وذهبت إلى المستشفى التركي حيث وجدت الدواء. بعد أن اشترت الدواء، بدأت في العودة إلى المخيم حوالي الساعة 03:00 مساء على متن توكتوك (دراجة نارية أجرة). وانضم إليها راكبان آخران كانا متجهين إلى حي جبل. وعندما وصلوا أمام عيادة يشفين، الواقعة في شارع الديان، ظهر فجأة ثلاثة رجال مسلحين بوجوه ملثمة في زي قوات الدعم السريع على الطريق وأوقفوا السائق بتهديدات بالأسلحة. وطلبوا من الركاب الثلاثة والسائق الخروج. وبعد ذلك، أمر الرجال الثلاثة بالمضي قدما وعدم النظر إلى الوراء. أشك أنهم سرقوا التوكتوك. وبينما كانت ابتسام تقف هناك مرعوبة، سألها أحد المسلحين عن اسمها. أجابت وأضافت أنها قادمة من المستشفى لأنها مريضة. ثم طلب منها ان تذهب إلى حيث يقف لكنها رفضت. وقد حمل مسدسه الآلي وأخبرها أن رصاصة واحدة تكفي لقتلها إذا لم تطيع أوامره. لم يكن لديها خيار سوى الذهاب إليه. وعندما وصلت إلى حيث يقف، أمرها بأن تستمر في التقدم ودخول العيادة. بعد ذلك، أمرها بالدخول إلى غرفة تحمل لافتة “غرفة الطبيب”. في الغرفة، كان هناك سرير مع ناموسية ومكتب بجانب كرسيين. حاول الرجل المسلح خلع ملابسها بالقوة لكنها قاومت. وفيما كانت ابتسام تبكي وتخبره بأنها مريضة، هددها بمسدسه الاوتوماتيكي مرة أخرى قبل ان يغتصبها. بعد الاغتصاب، انتقل إلى مكان آخر ليغتصبها رجل آخر والذي قام بدوره بالاتصال بثالثهما ليأخذ دوره في الاغتصاب. تعرضت للاغتصاب بما في ذلك من خلال ممارسة الجنس الشرجي الذي تسبب لها بنزيف شديد. ثم طلب منها المسلحين الرحيل لكنها لم تستطع المشي. فحملها أحدهم ووضعها على جانب الطريق حيث بقيت حتى غروب الشمس عندما وجدتها امرأتان. اعتقدت النساء أنها أصيبت برصاصة بسبب النزيف الشديد. أخذوها إلى منزلهم الواقع في حي شرق الوادي. وفي الصباح، استأجروا سيارة توكتوك وأعادوها إلى المنزل.” نقلت السيدة ابتسام إلى الطبيب وتلقت العلاج ولكن استمر النزيف حتى توفيت في 8 أغسطس 2023. وكان الأطباء قد نصحوها في وقت سابق بعدم ممارسة الجنس بسبب مرض القلب.
وقالت السيدة الزينة، وهي امرأة تبلغ من العمر 22 عاما وتعيش في المركز رقم 5 بمخيم كلمة، في معرض افادتها إلى المركز الافريقي لدراسات العدالة والسلام، “في 15 يوليو 2023، حوالي الساعة 10:00 صباحا، انتقلنا معا من المخيم مع صديقتي خالدة إلى الحديقة في حي مجوك بجوار وادي نيالا للعمل كبستانيتين لزراعة شتول البصل والطماطم في حديقة السيد عبد الله (اسم مستعار). وأثناء العمل، ظهر ثلاثة رجال مسلحين ورابع كان يحمل في يده سوطاً، وجميعهم يرتدون زي قوات الدعم السريع وسألونا عما نقوم به. وقلنا لهم إننا مستأجرين لزراعة البصل والطماطم. ثم سألوا عن مكان صاحب الحديقة الذي أجبنا انه لم يأت بعد. ثم سألونا بسخرية عما إذا كنا لا ندرك ان هنالك حربا جارية ولماذا خرجنا أصلا من بيوتنا. فأجبنا انه يجب ان نعمل لشراء الطعام والماء. فأجابه الشخص الذي كان يحمل السوط انهم سيعرضون لنا الطعام. اقترب منا وبدأ يضربنا بينما كان يأمرنا بالجري نحو الوادي. تبعنا إثنان من الرجال المسلحين حتى وصلنا إلى الوادي. أمسك أحد الرجال بيدي، بينما أمسك الآخر بيد خالدة وهو يهدد بقتلنا بمسدسه إذا لم نقبل أن نفعل ما يطلبونه منا. في هذه اللحظة، بدأت خالدة بالبكاء. جلس الشخص الذي كان ممسكا بيدي وطلب مني الجلوس كذلك قبل أن يبدؤوا في اغتصابنا. وبعد فترة من الوقت، بدأ أحد الرجال المسلحين الثلاثة الذين بقوا في الحديقة بالاتصال بزملائه وسؤالهم عما إذا كانوا قد انتهوا بعد. فالشخص الذي كان يغتصبني واسمه جبريل طلب منه ان يعطيهم المزيد من الوقت. استغرق الاغتصاب حوالي ساعة قبل أن يطلقوا سراحنا وهددونا باصطحابنا معهم إذا وجدونا مرة أخرى. وعدنا إلى المخيم الذي حيث تلقينا فيه الخدمات الطبية”.
خلفية
خلال الفترة بين 15 أبريل و31 يوليو 2023، تعرضت 22 امرأة على الأقل للاعتداء الجنسي في ولاية جنوب دارفور في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. وينتمي الضحايا إلى أحياء المنطقة الصناعية وحي السلام وحي المال والسوق والمطار وسوق المواشي وحي كراري. وكانت الغالبية من أولئك النساء ممن يعملن في الشوارع كباعة للطعام والشراب. في أغسطس 2023، وثق المركز تقريرا عن الاختطاف والاستعباد الجنسي من قبل قوات الدعم السريع في نيالا. في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أبلغ المركز عن تعرض 51 امرأة وفتاة للاعتداء الجنسي في مدينتي قارسلا وزالنجي في وسط دارفور على أيدي قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المسلحة.